قال النقاش وغيره غشيتهم سحابة وحيل بينهم وبين موسى بالنور فوقعوا سجودا قال السدي وغيره وسمعوا كلام الله يأمر وينهى فلم يطيقوا سماعه واختلطت أذهانهم ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعبر لهم ففعل فلما فرغ وخرجوا بدلت منهم طائفة ما سمعت من كلام الله فذلك قوله تعالى * (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه) * البقرة 75 واضطرب إيمانهم وامتحنهم الله بذلك فقالوا * (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) * ولم يطلبوا من الرؤية محالا أما إنه عند أهل السنة ممتنع في الدنيا من طريق السمع فأخذتهم حينئذ الصاعقة فاحترقوا وماتوا موت همود يعتبر به الغير وقال قتادة ماتوا وذهبت أرواحهم ثم ردوا لاستيفاء آجالهم فحين حصلوا في ذلك الهمود جعل موسى يناشد ربه فيهم ويقول أي رب كيف أرجع إلى بني إسرائيل دونهم فيهلكون ولا يؤمنون بي أبدا وقد خرجوا معي وهم الأخيار قال القاضي أبو محمد رحمه الله يعني وهم بحال الخير وقت الخروج وقال قوم بل ظن موسى عليه السلام أن السبعين إنما عوقبوا بسبب عبادة العجل فذلك قوله * (أتهلكنا) * يعني السبعين * (بما فعل السفهاء منا) * الأعراف 155 يعني عبدة العجل وقال ابن فورك يحتمل أن تكون معاقبة السبعين لإخراجهم طلب الرؤية عن طريقه بقولهم لموسى أرنا وليس ذلك من مقدور موسى صلى الله عليه وسلم و * (جهرة) * مصدر في موضع الحال والأظهر أنها من الضمير في * (نرى) * وقيل من الضمير في * (نؤمن) * وقيل من الضمير في * (قلتم) * والجهرة العلانية ومنه الجهر ضد السر وجهر الرجل الأمر كشفه وقرأ سهل بن شعيب وحميد بن قيس جهرة بفتح الهاء وهي لغة مسموعة عند البصريين فيما فيه حرف الحلق ساكنا قد انفتح ما قبله والكوفيون يجيزون فيه الفتح وإن لم يسمعوه قال القاضي أبو محمد ويحتمل أن يكون * (جهرة) * جمع جاهر أي حتى نرى الله كاشفين هذا الأمر وقرأ عمر وعلي رضي الله عنهما فأخذتكم الصعقة ومضى في صدر السورة معنى * (الصاعقة) * والصعقة ما يحدث بالإنسان عند الصاعقة وتنظرون معناه إلى حالكم قال القاضي أبو محمد عبد الحق رحمه الله حتى أحالهم العذاب وأزال نظرهم سورة البقرة 56 - 58
(١٤٧)