أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٣٨٤
سورة الغاشية فيها آية واحدة وهي قوله تعالى (* (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر) *) الآيتان 21 - 22 فيها مسألتان المسألة الأولى المسيطر هو المسلط الذي يقهر ويغلب على ما يقول المسألة الثانية كان النبي في أول أمره معرفا برسالته مذكرا بنبوته يدعو الخلق إلى الله ويذكرهم عهده ويبشرهم وعده ويحذرهم وعيده ويعرفهم دينه حتى وضحت المحجة وقامت لله سبحانه الحجة فلما استمر الخلق على فساد رأيهم ولجوا في طغيانهم وغلوائهم أمره الله بالقتال وسوق الخلق إلى الإيمان قسرا ونسخ هذه الآية وأمثالها حسبما بيناه وروى الترمذي وغيره أن النبي قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ (* (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر) *) بمسلط على سرائرهم مفسرا معنى الآية وكاشفا خفي الخفاء عنها المعنى إذا قال الناس لا إله إلا الله فلست بمسلط على سرائرهم وإنما عليك بالظاهر وقد كان قبل ذلك لا يطالب لا بالظاهر ولا بالباطن فلما استولى الله بأمره وتكليفه القتال على الظاهر وكل سرائرهم إليه وهذا الحديث صحيح السند صحيح المعنى والله أعلم
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»