أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٤
المسألة السادسة وظاهر حال المرء عند الموت يحكم عليه به في الباطن فإن مات على الإيمان حكم له بالإيمان وإن مات على الكفر حكم له بالكفر وربك أعلم بباطن حاله بيد أن النبي قال له العباس يا رسول الله هل نفعت عمك بشيء فإنه كان يحوطك ويحميك قال سألت ربي له فجعله في ضحضاح من النار تغلي منه دماغه ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل وهذه شفاعة في تخفيف العذاب وهي الشفاعة الثانية وهذا هو أحد القولين في قوله فلما تبين له أنه عدو لله يعني بموته كافرا تبرأ منه وقيل تبين له في الآخرة والأول أظهر وقد قال عطاء ما كنت لأمتنع من الصلاة على أمة حبشية حبلى من الزنا فإني رأيت الله لم يحجب الصلاة إلا عن المشركين فقال (* (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) *) وصدق عطاء لأنه تبين من ذلك أن المغفرة جائزة لكل مذنب فالصلاة عليهم والاستغفار لهم حسنة وفي هذا رد على القدرية لأنهم لا يرون الصلاة على العصاة ولا يجوز عندهم أن يغفر الله لهم فلم يصل عليهم وهذا ما لا جواب لهم عنه الآية الثالثة والأربعون قوله تعالى (* (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم) *) فيها خمس مسائل
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 ... » »»