أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
المسألة الخامسة أما الآية الأولى في المنافقين فهي على رسم التهديد كما بيناه ومعناها أن المنافقين يعتقدون الكفر ويظهرون أعمال الإيمان كأنها أعمال بر وهي رياء وسمعة بغير اعتقاد ولا نية فالله يراها كذلك ويطلع عليها عباده المؤمنين فأما اطلاع رسوله فبعينيه وأما اطلاع المؤمنين فبالعلامات من الأعمال والأمارات الدالة على الاعتقاد وذلك كما قال من أسر سريرة ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر وأما الآية الثانية في المؤمنين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فإن الله يراه ويعلمه فيعلمه رسوله والمؤمنون على النحو الذي تقدم ونرد العلمين إلى عالم الغيب والشهادة فنجزيهم بأعمالهم ومواقعها أما المنافق فنقدم إلى عمله فنجعله هباء منثورا وأما المؤمن الذي خلط في أعماله طاعة بمعصية فإنه يوازن بها في الكفتين فما رجح منها على مقدار عمله فيها أظهره عليها وحكم به لها والمرء يكون في موطنين أحدهما موطن الخاتمة عند قبض الروح وهي المسألة السادسة فإنه وقت كشف الغطاء وسلامة البصر عن العمى فيقال له (* (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) *) فانظر إلى ما كنت غافلا عنه أو به متهاونا والحالة الثانية عند الوزن وتطاير الصحف والأنباء حينئذ يكون بإظهار الجزاء وشرح صفة الأنباء ومواطنه في كتاب الذكر الآية الرابعة والثلاثون قوله تعالى (* (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم) *) فيها ثلاث مسائل
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»