المسألة الثانية اختلف الناس في كتاب الله السابق على ثلاثة أقوال الأول سبق من الله ألا يعذب قوما حتى يتقدم إليهم الثاني سبق منه ألا يعذبهم ومحمد فيهم الثالث سبق منه إحلال الغنائم لهم ولكنهم استعجلوا قبل الإحلال وهذا كله ممكن صحيح لكن أقواه ما سبق من إحلال الغنيمة وقد كانوا غنموا أول غنيمة في الإسلام حين أسل النبي عبد الله بن جحش في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد إلى نخلة ما بين مكة والطائف فيرصد بها قريشا فمضى ومضى أصحابه معه حتى نزلوا بنخلة فمرت عليهم عير لقريش تحمل زيتا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي فقتل عمرو وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسرى حتى قدموا على رسول الله وعزل عبد الله لرسول الله خمس الغنيمة وقسم سائرها بين أصحابه وذلك قبل أن يفرض الله لرسوله الخمس فأكلوا الغنيمة ونزل بعد ذلك فرض الغنيمة كما كان فعله عبد الله بن جحش من الخمس لرسول الله والأربعة الأخماس للغانمين والذي ثبت من ذلك أكلهم الغنيمة التي غنموا وإحلال ما أخذ لهم والنبي ساكت عن ذلك مجيز له فكان وحيا بسكوته وإمضائه المسألة الثالثة قوله تعالى (* (لولا كتاب من الله سبق) *)) في إحلال الغنيمة لعذبتم بما اقتحمتم فيها مما ليس لكم اقتحامه إلا بشرع فكان هذا دليلا على أن العبد إذا اقتحم ما يعتقده حراما مما هو في علم الله حلال إنه لا عقوبة عليه كالصائم إذا قال هذا يوم نوبي فأفطر الآن أو هذا يوم حيضي فأفطر
(٤٣٥)