أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٤٦
المسألة الأولى اليمين على ضربين لغو ومنعقدة وقد بينا لغو اليمين في سورة البقرة وأما اليمين المنعقدة فهي المنفعلة من العقد والعقد على ضربين حسي كعقد الحبل وحكمي كعقد البيع وهو ربط القول بالقصد القائم بالقلب يعزم بقلبه أولا متواصلا منتظما ثم يخبر عما انعقد من ذلك بلسانه فإن قيل صورة اليمين اللغو والمنعقدة على هذا واحدة فما الفرق بينهما قلنا قد آن الآن أن نلتزم بذلك الاحتفاء ونكشف عنه الخفاء فنقول إن اليمين المنعقدة ما قلناه واللغو ضده واليمين اللغو سبع متعلقات في اختلاف الناس المتعلق الأول اليمين مع النسيان فلا شك في إلغائها لأنه إذ قصد زيدا فتلفظ بعمرو فلا شك في أنها جاءت على خلاف قصده فهي لغو محض وأما من قال إنه اليمين المكفرة فلا متعلق له يحكى والمتعلق الثالث في دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا فينزل به كذا فهذا قول لغو في طريق الكفارة ولكنه منعقد في العقد مكروه وربما يؤاخذ به فإن النبي قال لا يدعون أحدكم على نفسه فربما صادف ساعة لا يسأل الله فيها أحد شيئا إلا أعطاه إياها والمتعلق الرابع في يمين المعصية باطل لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية ويقال له لا تفعل فكفر فإن أقدم على الفعل فجر في إقدامه وبر في يمينه وإنما قلنا إنها تنعقد لأنه قصد بقلبه الفعل أو الكف في زمان مستقبل يتأتى فيه كل واحد منهما وهذا ظاهر
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»