الأنبياء (23 - 18)) وهذه استعارة لطيفة لأن أصل استعمال القذف والدمغ في الأجسام ثم استيعر القذف لايراد الحق على الباطل والدمغ لاذهاب الباطل فالمستعار منه حتى والمستعار له عقلي فكأنه قيل بل نورد الحق الشبيه بالجسم القوي على الباطل الشبيه بالجسم الضعيف فيبطله ابطال الجسم القوي الضعيف * (فإذا هو) * أي الباطل * (زاهق) * هالك ذاهب * (ولكم الويل مما تصفون) * الله به من الولد ونحوه * (وله من في السماوات والأرض) * خلقا وملكا فأبى يكون شيء منه ولدا له وبينهما تناف ويوقف على الأرض لأن * (ومن عنده) * منزلة ومكانة لا منزلا ولا مكانا يعني الملائكة مبتدأ خبره * (لا يستكبرون) * لا يتعظمون * (عن عبادته ولا يستحسرون) * ولا يعيون * (يسبحون الليل والنهار لا يفترون) * حال من فاعل يسبحون أي تسبيحهم متصل دائم في جميع أوقاتهم لا تتخلله فتر بفراغ أو بشغل آخر فتسبيحهم جار مجرى التنفس منا ثم أضرب عن المشركين منكرا عليهم وموبخا فجاء بأم التي بمعنى بل والهمزة فقال * (أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون) * يحيون الموتى ومن الأرض صفة الآلهة لان آلهتهم كانتك متخذة من جواهر الأرض كالذهب والفضة والحجر وتعبد في الأرض فنسبت إليها كقولك فلان من المدينة أي مدني أو متعلق باتخذوا ويكون فيه بيان غاية الاتخاذ وفي قوله هم ينشرون زيادة توبيخ وان لم يدعوا أن أصنامهم تحي الموتى وكيف يدعون ومن أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات انه يلزم من دعوى الألوهية لها دعوى الانشار لان العاجز عنه لا يصح ان يكون إلها إذ لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور والانشار من جملة المقدورات وقرأ الحسن ينشرون بفتح الياء وهما لغتان ابشر الله الموتى ونشرها أي أحياها * (لو كان فيهما آلهة إلا الله) * أي غير اله وصفت آلهة بالا كما وصتفت بغير لو قيل آلهة غير الله ولا يجوز رفعه على البدل لان لو بمنزلة ان في أن الكلام معه موجب والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب كقوله تعالى ولا يلتفت منك أحد الا امرأتك ولا يجوز نصبه استثناء لأن الجمع إذا كان منكرا لا يجوز أن يستثنى منه عند المحققين لأنه لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء والمعنى لو كان يدبر امر السماوات والأرض آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما * (لفسدتا) * لخربتا لوجود التمانع وقد قررناه في أصول الكلام ثم نزه ذاته فقال * (فسبحان الله رب العرش عما يصفون) * من الولد والشريك * (لا يسأل عما يفعل) * لأنه المالك على الحقيقة ولو اعترض على السلطان بعض عبيده مع وجود التجانس وجوز الخطأ عليه وعدم الملك الحقيقي
(٧٧)