تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٦١
أي التوراة والذين أوتوا الكتاب اليهود * (كتاب الله) * يعنى التوراة لأنهم بكفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم المصدق لما معهم كافرون بها نابذون لها أو كتاب الله القرآن نبذوه بعد ما لزمهم تلقيه بالقبول * (وراء ظهورهم) * مثل لتركهم وإعراضهم عنه مثل بما يرمى به وراء الظهور استغناء عنه وقلة التفات إليه * (كأنهم لا يعلمون) * إنه كتاب الله * (واتبعوا ما تتلوا الشياطين) * أي نبذ اليهود كتاب الله واتبعوا كتب السحر والشعوذة التي كانت تقرؤها * (على ملك سليمان) * أي على عهد ملكه وفى زمانه وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة وقد دونوها في كتب يقرءونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمن سليمان عليه السلام حتى قالوا إن الجن تعلم الغيب وكانوا يقولون هذا علم سليمان وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والريح * (وما كفر سليمان) * تكذيب للشياطين ودفع لما بهتت به سليمان من اعتقاد السحر والعمل به * (ولكن الشياطين) * هم الذين * (كفروا) * باستعمال السحر وتدوينه ولكن بالتخفيف الشياطين بالرفع شامي وحمزة وعلى * (يعلمون الناس السحر) * في موضع الحال أي كفروا معلمين الناس السحر قاصدين به إغواءهم وإضلالهم * (وما أنزل على الملكين) * الجمهور على أن ما بمعنى الذي وهو نصب عطف على السحر أي ويعلمونهم ما أنزل على الملكين أو على ما تتلوا أي واتبعوا ما أنزل على الملكين * (ببابل هاروت وماروت) * علمان لهما وهما عطف بيان للملكين والذي أنزل عليهما هو علم السحر ابتلاء من الله للناس من تعلمه منهم وعمل به كان كافرا إن كان فيه رد ما لزم في شرط الإيمان ومن تجنبه أو تعلمه لا ليعمل به ولكن ليتوقاه ولئلا يغتر به كان مؤمنا قال الشيخ أبو منصور الماتريدي رحمه الله القول بأن السحر على الاطلاق كفر خطأ بل يجب البحث عن حقيقته فإن كان في ذلك رد ما لزم في شرط الإيمان فهو كفر و إلا فلا ثم السحر الذي هو كفر يقتل عليه الذكور لا الإناث وما ليس بكفر وفيه إهلاك النفس ففيه حكم قطاع الطريق ويستوى فيه المذكر والمؤنث وتقبل توبته إذا تاب ومن قال لا تقبل فقد غلط فإن سحرة فرعون قبلت توبتهم وقيل أنزل أي قذف في قلوبهما مع النهى عن العمل قيل إنهما ملكان اختارتهما الملائكة لتركب فيهما الشهوة حين عيرت بني آدم فكانا يحكمان في الأرض ويصعدان بالليل فهو يا زهرة فحملتهما على شرب الخمر فزنيا فرآهما إنسان فقتلاه فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة فهما يعذبان منكوسين في جب ببابل وسميت ببابل لتبلبل الألسن بها
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»