تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ١٦٧
آل عمران (94 _ 97)) يحاجهم بكتابهم ويبكتهم بما هو ناطق به من أن تحريم ما حرم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم لا تحريم قديم كما يدعونه فلم يجرءوا على إخراج التوراة وبهتوا وفيه دليل بين على صدق النبي عليه السلام وعلى جواز النسخ الذي ينكرونه * (فمن افترى على الله الكذب) * بزعمه أن ذلك كان محرما في ملة إبراهيم ونوح عليهما السلام * (من بعد ذلك) * من بعد ما لزمهم من الحجة القاطعة * (فأولئك هم الظالمون) * المكابرون الذين لا ينصفون من أنفسهم ولا يلتفتون إلى البينات * (قل صدق الله) * في إخباره أنه لم يحرم وفيه تعريض بكذبهم أي ثبت أن الله تعالى صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون * (فاتبعوا ملة إبراهيم) * وهى ملة الإسلام التي عليها محمد عليه السلام ومن آمن معه حتى تتخلصوا من اليهودية التي ورطتكم في فساد دينكم ودنياكم حيث اضطرتكم إلى تحريف كتاب الله لتسوية أغراضكم وألزمتكم تحريم الطيبات التي أحلها الله لإبراهيم ولمن تبعه * (حنيفا) * حال ن إبراهيم أي مائلا عن الأديان الباطلة * (وما كان من المشركين) * ولما قالت اليهود للمسلمين قبلتنا قبل قبلتكم نزل * (إن أول بيت وضع للناس) * والواضع هو الله عز وجل ومعنى وضع الله بيتا للناس أنه جعله متعبدا لهم فكأنه قال إن أول متعبد للناس الكعبة وفى الحديث أن المسجد الحرم وضع قبل بيت المقدس بأربعين سنة قيل أول من بناه إبراهيم وقيل هو أول بيت حج بعد الطوفان وقيل هو أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والأرض وقيل هو أول بيت بناه آدم عليه السلام في الأرض وقوله وضع للناس في موضع جر صفة لبيت والخبر * (للذي ببكة) * أي للبيت الذي ببكة وهى علم للبلد الحرام ومكة وبكة لغتان فيه وقل مكة البلد وبكة موضع المسجد وقيل اشتقاقها من بكة إذا زحمه لازدحام الناس فيها أو لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها لم يقصدها جبار إلا قصمه الله * (مباركا) * كثير الخير لما يحصل للحجاج والمعتمرين من الثواب وتكفير السيئات * (وهدى للعالمين) * لأنه قبلتهم ومتعبدهم ومباركا وهدى حالان من الضمير في موضع * (فيه آيات بينات) * علامات واضحات لا تلتبس على أحد * (مقام إبراهيم) * عطف بيان لقوله آيات بينات وصح بيان الجماعة بالواحد لأنه وحده بمنزلة آيات كثيرة لظهرور شأنه وقوة دلالته على قدرة الله تعالى ونبوة إبراهيم عليه السلام من تأثير قدمه في حجر صلد أو لاشتماله على آيات لأن أثر القدم في الصخرة الصماء آية وغوصه فيها إلى الكعبين آية و إلانة بعض الصخرة دون بعض آية وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء عليهم السلام آية لإبراهيم خاصة على أن * (ومن دخله كان آمنا) * عطف بيان لآيات و إن كان جملة ابتدائية أو شرطية
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»