* (والسماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا (61) وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا (62) وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا * * * وقوله: * (منيرا) أي: مضيئا.
قوله: * (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) فيه قولان: أحدهما: مختلفين، هذا أسود وهذا أبيض. والثاني: خلفه أي: يخلف أحدهما صاحبه. ويقال: ما فات من الذكر بالليل، فالنهار يخلفه فيه، وما فات من الذكر بالنهار، فالليل يخلفه فيه. قال قتادة: وكذلك في الصلاة، والقول الثالث: خلفه أي: يزداد في هذا ما ينقص من الآخر، ويزداد في الآخر ما ينقص من هذا، وأنشد الشاعر في الخلفة:
(بها العين والآرام يمشين خلفة * واطلاؤها ينهضن من كل مجثم) فعلى هذا خلفة أي: كل واحد منهما خلف صاحبه.
وقوله: * (لمن أراد أن يذكر) أي: يتذكر.
* (أو أراد شكورا) أي: شكرا.
ومعناه: من أراد ذكرا أو شكرا، فالليل والنهار زمانا الذكر والشكر.
وقوله تعالى: * (وعباد الرحمن). فإن قال قائل: كل الناس عباد الرحمن، مؤمنهم وكافرهم؟ قلنا: إن هذا كما يقول القائل: ابني فلان، ويخص بذلك الواحد من بينه، وكذلك يقول: صديقي فلان، ويخص بذلك الواحد من أصدقائه، ومعناه: أن من يكون ابني ينبغي أن يكون كفلان، ومن يكون صديقي ينبغي أن يكون كفلان.
وقوله: * (الذين يمشون على الأرض هونا). أي: بالسكينة والوقار. قال الحسن: علماء حكماء، لا يجهلون إذا جهل عليهم. وقال ثعلب: هونا رفقا.
وعن بعضهم: متواضعين لا يتكبرون.
وقوله: * (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) قال الضحاك: إذا أوذوا صفحوا، وقال بعضهم: قالوا قولا يسلمون منه، وعن بعضهم: قالوا سلاما أي: متاركة لا خير