تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٤٧٨
* (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم (51)) * * وقتادة والسدي وجماعة: إن المراد من قوله: * (يا أيها الرسل) هو محمد، والعرب تذكر الجمع، وتريد به الواحد، فإنهم يقولون للرجل: أيها القوم، كف عنا أذاك ومنهم من قال: إن المراد منه جميع الرسل. وقال بعضهم المراد: عيسى - عليه السلام - كأنه قال: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل، وقد روى أبو هريرة أن النبي قال: ' يا أيها الناس، إن الله لا يقبل إلا الطيب، وإن الله تعالى أمر المسلمين بما أمر به المرسلين فقال: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) وقال للمؤمنين: * (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات من رزقناكم واشكروا لله) ثم ذكر الرجل أشعث أغبر يمد يده إلى السماء، فيقول: يا رب، مطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذى بالحرام، فأنى يستجاب له '؟!
وفي القصة: أن عيسى كان يأكل من غزل أمه، والأكل هو أخذ الشيء بالفم؛ ليوصله إلى البطن بالمضغ، وأما قوله: * (من الطيبات) أي: من الحلال. وقوله: * (واعملوا صالحا) الصلاح هو الاستقامة على ما توجبه الشريعة.
وقوله: * (إني بما تعملون عليم) هذا حث على فعل الطاعة، يعني: اعملوا الصالحات، فإني مجازيكم على عملكم.
قوله تعالى: * (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) أي: دينكم دين واحد، وقيل: شريعتكم شريعة واحدة، ويقال: أمرتكم بما أمرت به من قبلكم من الأنبياء والمرسلين، فأمركم واحد.
وقوله: * (وأنا ربكم فاتقون) فاحذروني.
قوله تعالى: * (فتقطعوا أمرهم بينهم) أي: تفرقوا هودا ونصارى وصابئين ومجوسا. * (زبرا) أي: قطعا. قال مجاهد: * (زبرا) كتبا أي: جعلوا كتبهم قطعا ومعناه: آمنوا بالبعض، وكفروا بالبعض، وحرفوا البعض، ولم يحرفوا البعض.
وقوله: * (كل حزب بما لديهم فرحون) أي: مسرورون.
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»