تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٣٧٧
* (إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين (29) أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) * * قالوا، ولم يقولوا، والجواب المعروف: أن المراد منه إبليس لعنه الله؛ فإنه دعا الناس إلى طاعته، فهو معنى قوله: * (ومن يقل منهم إني إله) وهذا دليل على أن من دعا إنسانا إلى طاعته في معصية الخالق فكأنه قال: اعبدني أو اتخذني إلها.
قوله تعالى: * (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) فإن قال قائل: قد قال: أو لم ير الكفار، [و] لم يروا شيئا من هذا ولا المسلمون! والجواب عنه: أن معناه أو لم يعلموا بإخبارك إياهم، وقيل: أو لم يخبروا. وأما الرتق في اللغة هو السد، والفتق هو الشق، قال الشاعر:
(يهون عليهم إذا يغضبون * سخط العداة وإرغامها) (ورتق الفتوق وفتق الرتوق * ونقض الأمور وإبرامها) وأما معنى الآية: قال ابن عباس: قوله: * (كانتا رتقا) أي: كان السماء والأرض ملتصقين، ففتقناهما بالهواء، وقال غيره: معناه: كان السماء شيئا واحدا، ففتقناها، وجعلناها سبع سماوات، وكانت الأرض شيئا واحدا ففتقناها، وجعلناها سبع أرضين، والقول الثالث قاله مجاهد: فتقنا السماء بالمطر، والأرض بالنبات.
وقوله: * (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فإن قال قائل: قد خلق بعض ما هو حي من غير الماء، فكيف يستقيم قوله: * (وجعلنا من الماء كل شيء حي)؟ وأيضا فإن الإنسان قد يموت بالماء، والشجر والنبات قد يهلك بالماء؟ والجواب من وجهين: أحدهما: أن الماء هاهنا هو النطفة، والحي هو الآدمي، ومعناه: كل شيء حي من الآدمي. والجواب الثاني: أن هذا على وجه التكثير، وأكثر الأحياء في الأرض إنما هو مخلوق من الماء أو بقاؤه بالماء، فاستقام معنى الآية من هذا الوجه.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»