تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٩٨
* (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين (86) وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين (87) قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين (88) قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما) * * (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم) أي: في العدد، وقيل معناه: إذ كنتم قليلا أي: بالمال؛ فكثركم بالغنى * (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) أي: ممن كان قبلكم.
قوله - تعالى -: * (وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا) وذلك أن بعضهم آمن، وبعضهم كفر * (فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين).
قوله - تعالى -: * (قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) قاله كفار قومه * (قال أو لو كنا كارهين) يعني: تفعلون هذا، وإن كنا كارهين * (قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها) فإن قيل: كيف يصح لفظ العود من شعيب، ولم يكن على ملتهم قط؟ قيل معناه: إن صرنا في ملتكم، وعاد بمعنى صار وكان، كما قال الشاعر:
(لئن كانت الأيام أحسن مرة * [إلي] فقد عادت لهن ذنوب) أي: كانت لهن ذنوب.
وقوله: * (بعد إذ نجانا الله منها) يعني: من الدخول في ملتهم ابتداء، وقيل المراد به: قوم شعيب * (وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) فإن قيل: وهل يشاء الله عودهم إلى الكفر؟ قيل: وما المانع منه؟ وإنما الآية على وفق قول أهل السنة، وكل ذلك جائز في المشيئة، ويدل عليه قوله: * (وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) أي: اقض بالحق، فإن قيل: كيف طلب
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»