تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٣٩٣
* (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا) * * قوله - تعالى -: * (يا أيها الناس) قال علقمة: كل ما نزل في القرآن: * (يا أيها الناس) فإنما نزل بمكة، وكل ما ورد في القرآن: * (يا أيها الذين آمنوا) فإنما نزل بالمدينة.
وقوله: * (يا أيها) ' يا ' للنداء، و ' أي ' للإشارة، و ' ها ' للتنبيه * (اتقوا ربكم) وقرأ ابن مسعود: ' اتقوا (الله) ربكم '.
بدأ من السورة بالوعظ والتحذير، فقال: * (اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة)، وأراد بالنفس الواحدة آدم - صلوات الله عليه - وإنما قال: * (واحدة) على التأنيث؛ لأجل اللفظ؛ لأن النفس مؤنثة، وهذا مثل قول الشاعر:
(أبوك خليفة ولدته أخرى * وأنت خليفة ذاك الكمال) وإنما قال: ولدته للفظ الخليفة، وإن كان معناه الذكر * (وخلق منها زوجها) يعني: حواء، وسميت حواء؛ لأنها خلقت من حي، وفي القصص: أن الله تعالى خلق حواء من ضلع لآدم في جنبه الأيسر يسمى: ' القصيراء ' وفي الخبر المعروف ' أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن أردت أن تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها على اعوجاج ' وقيل: إن حواء خلقت من التراب.
وقوله: * (وخلق منها زوجها) معناه: وخلق من جنسها زوجها، يعني: التراب، والأصح الأول. وفي الخبر: أن الله تعالى لما خلق آدم ألقى عليه النوم، ثم أخذ ضلعا من أضلاعه، وخلق منه حواء، فجلست بجنبه، فلما انتبه رآها جالسه بجنبه، وقيل: إنه لم يؤذه أخذ الضلع شيئا، ولو آذاه لما عطف رجل على امرأة أبدا.
وعن ابن عباس: أن الله تعالى خلق الرجل من التراب؛ فهمه في التراب، وخلق
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»