* (لديهم إذ يختصمون (44) إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين (45) ويكلم الناس) * * والقصة في ذلك: أنهم تشاحنوا واختصموا في كفالة مريم، فقال زكريا: أنا أولى بكفالتها منكم، لأن خالتها عندي، وقال أحبارهم - وقيل أولياؤهم -: نحن أولى بكفالتها؛ لأن أباها كان إمامنا وحبرنا، فاقترعوا واستهموا، على أن من يثبت قلمه في الماء وصعد، فهو أولى بكفالتها، فألقوا الأقلام على الماء وعلى كل قلم اسم واحد منهم، فانحدرت أقلامهم تجري في الماء، وجرى قلم زكريا مصعدا إلى أعلى الماء، قيل: غرقت أقلامهم، وارتد قلم زكريا، وبقي فوق الماء، وقيل إنما اختصموا في كفالتها؛ لأنه كان قد أصابهم قحط وأزمة، وكانت تضيق بهم النفقة؛ فاستهموا على كفالتها تدافعا حتى أن من خرج سهمه هو الذي يعولها، وينفق عليها، والأول أصح وأشهر.
قوله تعالى: * (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه) قيل: أن الملائكة قالوا لها ذلك مشافهة وعيانا.
* (أسمه المسيح عيسى ابن مريم) قال ابن عباس: إنما سمي مسيحا؛ لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برئ، وقال الحسن وقتادة: سمي مسيحا؛ لأنه مسح بالبركة، وقيل: المسيح: الصديق، ويكون المسيح بمعنى: الكذاب، وهو من الأضداد، وقيل: سمى مسيحا؛ لأنه كان يمسح وجه الأرض، ويسيح فيها، وقيل: إنما سمى مسيحا؛ لأنه ممسوح القدم لأخمص قدميه، ومنه قول الشاعر:
(بات يقاسيها غلام كالزلم * خديج الساقين ممسوح القدم) ومن ذلك سمى الدجال مسيحا؛ لأنه مسح أحد شقى وجهه، لا عين له.
* (وجيها في الدنيا والآخرة) أي: رفيعا ذا جاه عند الله (* (ومن المقربين) * ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين) أما كلامه في المهد هو قوله في سورة