(* (9) في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) * * وقال ابن الأعرابي في كتاب الياء: قوله: المخادعة منع القلب من الحق، قاله في حق المنافقين حيث أظهروا الإسلام باللسان وأبطنوا خلافه.
فإن قال قائل: ما معنى قوله: * (يخادعون الله) وهذا يوهم الشركة في المخادعة، وقد جل الله تعالى عن المشاركة في المخادعة؟! الجواب: قال الحسن البصري: معناه يخادعون نبي الله.
وقال غيره من المفسرين معناه: يعاملون الله معاملة المخادعين.
فأما قوله: * (وما يخادعون إلا أنفسهم) يقرأ بقراءتين: ' يخادعون، ويخدعون '. فمن قرأ: ' يخادعون ' فهو على المشاكلة؛ لأنه ذكر الأول بلفظ المخادعة، وهذا شكله فذكره بلفظه.
ومن قرأ: ' يخدعون ' فهو على الأصل، وعلى أن لفظ المخادعة لا يقتضي المشاركة، بين اثنتين، ومثله: طرقت النعل، وطارقت النعل، ومثله كثير في ألفاظ المفاعلة.
فمعنى قوله * (وما يخادعون إلا أنفسهم) أي: وبال خديعتهم راجع إليهم * (وما يشعرون) أي: لا يعلمون ذلك. يقال: شعرت بمعنى علمت، ومنه قولهم: ليت شعري؛ أي: ليت أعلم.
قوله تعالى: * (في قلوبهم مرض) الآية، أراد بالمرض الشك والنفاق، بإجماع المفسرين. ويوصف القلب والدين بالمرض والصحة كما يوصف البدن به.
* (فزادهم الله مرضا) أي: شكا ونفاقا؛ فإنه لما نزلت الآيات آية بعد آية فكلما كفروا بآية ازدادوا كفروا ونفاقا، وذلك معنى قوله تعالى: * (وأما الذين في قلوبهم