" * (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) *) قرأ عاصم وأهل المدينة والشام بضم الشينين، وقرأ الآخرون بكسرهما. وهما لغتان، يعني وإذا قيل لكم: قوموا وتحركوا وارتفعوا وتوسعوا لإخوانكم فافعلوا.
وقال أكثر المفسرين: معناه: وإذا قيل لكم: انهضوا إلى الصلاة والجهاد والذكر وعمل الخير أي حق كان فانشزوا ولا تقصروا.
قال عكرمة والضحاك: يعني إذا نودي للصلاة فقوموا لها، وذلك أن رجالا تثاقلوا عن الصلاة إذا نودي لها، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
وقال ابن زيد: هذا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن كل رجل منهم كان يحب أن يكون آخر عهده رسول الله، فقال الله سبحانه: " * (وإذا قيل انشزوا) *) عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن له حوائج " * (فانشزوا) *) ولا تطلبوا المكث عنده " * (يرفع الله الذين آمنوا منكم) *) بطاعتهم رسول الله وقيامهم من مجالسهم وتفسحهم لإخوانهم " * (والذين أوتوا العلم) *) منهم بفضل علمهم وسابقتهم " * (درجات) *) فأخبر الله سبحانه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيب فيما أمر وأن أولئك المؤمنين مثابون فيما ائتمروا، وأن النفر من أهل بدر مستحقون لما عوملوا من الإكرام " * (والله بما تعملون خبير) *).
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عامر البلخي قال: حدثنا القاسم ابن عباد قال: حدثنا صالح بن محمد الترمذي قال: حدثنا المسيب بن شريح، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن قال: قرأ ابن مسعود هذه الآية " * (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) *) فقال: أيها الناس، افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم فإن الله سبحانه يقول: يرفع الله المؤمن العالم فوق الذي لا يعلم درجات.
وأنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال: أخبرنا صالح ابن مقاتل، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فضل العالم على الشهيد درجة، وفضل الشهيد على العابد درجة، وفضل النبي صلى الله عليه وسلم على العالم درجة، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناهم).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من جاءته منيته وهو يطلب العلم فبينه وبين الأنبياء درجة واحدة).