تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٩٩
من قبلك) *) فعزى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، " * (وإلى الله ترجع الأمور يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) *)، قراءة العامة بفتح الغين، وهو الشيطان، وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن حبيش قال: حدثنا أبو القاسم بن الفضل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن يزيد المقري عن محمد بن المصفى عن أبي حياة، قرأ: " * (ولا يغرنكم بالله الغرور) *) برفع الغين، وهي قراءة ابن السماك العدوي يدل عليه وماحدثنا.
قال: أخبرناعبد الله بن حامد محمد بن خالد قال: أخبرنا داود بن سليمان قال: أخبرنا عبد بن حميد عن يحيى بن عبد الحميد عن ابن المبارك عن عبد الله بن عقبة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير: " * (فلا يغرنكم بالله الغرور) *) قال: أن يعمل المعصية ويتمنى العفو.
" * (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) *): فعادوه ولا تطيعوه " * (إنما يدعو حزبه) *): أشياعه وأولياءه " * (ليكونوا من أصحاب السعير) *) ليسوقهم إلى النار، فهذه عداوته ثم بين حال موافقيه ومخالفيه فقال عز من قائل: " * (الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير) *).
قوله: " * (فمن زين له) *) أي شبة وموه وحسن له " * (سوء) *): قبح عمله وفعله " * (فرآه حسنا) *) زين ذلك الشيطان بالوسواس ونفسه تميله إلى الشبهة وترك النظر في الحجة المؤدية إلى الحق، والله سبحانه وتعالى يخلقه ذلك في قلبه، وجوابه محذوف مجازه: أفمن زين له سوء عمله كمن لم يزين له سوء عمله ورأى الحق حقا والباطل باطلا؟ نظيره قوله: " * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) *)، وقوله " * (أمن هو قانت) *) ونحوها.
وقيل: معناه: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله كمن هداه؟ دليله قوله: " * (فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) *).
وقيل: معناه تحت قوله: " * (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) *)، فيكون معناه: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة، أي تتحسف عليه؟ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير، مجازه: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، والحسرة: شدة الحزن على ما فات من الأمر.
وقراءة العامة: (تذهب نفسك): بفتح الباء والهاء وضم السين، وقرأ أبو جعفر بضم التاء وكسر الهاء وفتح السين، ومعنى الآية: لا تغتم بكفرهم وهلاكهم إذ لم يؤمنوا، نظيره " * (لعلك باخع نفسك) *).
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»