تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٦٣
عن أبيها قالوا: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: " * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) *) فقال النبي (عليه السلام): هذا من العلم المكنون، ولو أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به، إن الله تعالى وكل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين، ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذانك الملكان، لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين.
قوله تعالى: " * (إن الذين يؤذون الله) *) يعني بمعصيتهم إياه ومخالفتهم أمره. وقال عكرمة: هم أصحاب التصاوير الذين يرومون تكوين خلق مثل خلق الله عز وجل، وفي بعض الأخبار يقول الله جل جلاله: ومن أظلم ممن أراد أن يخلق مثل خلقي فليخلق حبة أو ذرة، وقال (عليه السلام): لعن الله المصورين. وقال ابن عباس: هم اليهود والنصارى والمشركون، فأما اليهود فقالوا: يد الله مغلولة وقالوا: إن الله فقير. وقالت النصارى: المسيح ابن الله وثالث ثلاثة. وقال المشركون: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.
قال قتادة: في هذه الآية ما زال أناس من جهلة بني آدم حتى تعاطوا أذى ربهم، وقيل: معنى " * (يؤذون الله) *) يلحدون في أسمائه وصفاته، وقال أهل المعاني: يؤذون أولياء الله مثل قوله: " * (وسئل القرية) *) وقول رسول الله صلى الله عليه حين قفل من تبوك فبدا له أحد: هذا جبل يحبنا ونحبه، فحذف الأهل، فأراد الله تعالى المبالغة في النهي عن أذى أوليائه فجعل أذاهم أذاه.
" * (ورسوله) *) قال ابن عباس: حين شج في وجهه وكسرت رباعيته وقيل له: شاعر وساحر ومعلم مجنون. وروى العوفي عنه: أنها نزلت في الذين طعنوا على النبي (عليه السلام) في نكاحه صفية بنت حيي بن أخطب، وقيل: بترك سنته ومخالفة شريعته.
" * (لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) *) من غير أن عملوا ما أوجب الله أذاهم " * (فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) *).
قال الحسن وقتادة: إياكم وأذى المؤمن فإنه حبيب ربه، أحب الله فأحبه، وغضب لربه فغضب الله له، وإن الله يحوطه ويؤذي من آذاه. وقال مجاهد: يعني يقفونهم ويرمونهم بغير ما عملوا. وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب ح، وذلك أن ناسا من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه. وقيل: في شأن عائشة. وقال الضحاك والسدي والكلبي: نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا تبرزن بالليل لقضاء حوائجهن، فيرون
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»