تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٦٥
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى فكيف بمن يرمي وليس برام فلو أنها نبل إذا لاتقيتها ولكنني أرمي بغير سهام على الراحتين مرة وعلى العصا أنوء ثلاثا بعدهن من قيامي وروي إن الشعببي دخل على عبد الملك بن مروان وقد ضعف. فسأله عن حاله، فأنشده هذه الأبيات:
فاستأثر الدهر الغداة بهم والدهر يرميني ولا أرمي يا دهر قد أكثرت فجعتنا بسراتنا ووقرت في العظم وتركتنا لحم على وضم لو كنت تستبقي من اللحم وسلبتنا ما لست تعقبنا يا دهر ما أنصفت في الحكم وأنشدنا أبو القاسم السدوسي، أنشدنا عبد السميع بن محمد الهاشمي، أخبرنا أبو الحسن العبسي لابن لنكك في هذا المعنى:
قل لدهر عن المكارم عطل يا قبيح الفعال جهم المحيا كم كريم حططته من بقاع ولئيم ألحقته بالثريا قال أبو عبيده: وناظرت بعض الملاحدة. فقال: إلا تراه يقول: فإن الله هو الدهر. فقلت له: وهل كان أحد يسب الله في أياد الدهر، بل كانوا يقولون كما قال الأعشى:
استأثر الله بالوفاء وبالعدل وولى الملامة الرجلا قال: فتأويل قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله هو الدهر)، إن الله جل ذكره هو الذي يأتي بالدهر والشدائد والمصائب فإذا سببت الدهر وقع السب على الله تعالى لأنه فاعل هذه الأشياء وقاضيها ومدبرها.
وقال الحسين بن الفضل: مجازه: فإن الله هو مدهر الدهور.
وروي عن علي ح في خطبة له: مدهر الدهور، ومن عنده الميسور، ومن لدنه المعسور.
ودليل هذا التأويل ما أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن النيسابوري، حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارزي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم الجمحي، حدثنا عسر بن أحمد، قال: بلغني إن سالم بن عبد الله بن عمر كان كثيرا ما يذكر الدهر، فزجره أبوه عبد الله بن عمر، وقال له: يا بني إياك وذكر الدهر، وأنشد:
فما الدهر بالجاني لشيء لحينه ولا جالب البلوى فلا تشتم الدهرا
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 » »»