تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٨
الحاج) *). كلها بمعنى الوصف والتسمية ويستحيل أن يكون بمعنى الخلق. " * (لعلكم تعقلون وإنه) *) يعني هذا الكتاب. " * (في أم الكتاب) *) يعني اللوح المحفوظ الذي عند الله تعالى منه ينسخ، وقال قتادة: أصل الكتاب وجملته.
أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان، أخبرنا مكي بن عيدان، حدثنا عبد الله بن هاشم بن حيان، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا هشام الدستوائي، حدثني القاسم بن أبي يزه، حدثني عروة بن عامر القريشي، قال: سمعت ابن عباس يقول: إن أول ما خلق الله تعالى القلم وأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق والكتاب عنده ثم قرأ * (وإنه في أم الكتاب) * * (لدينا لعلي حكيم أفنضرب عنكم الذكر صفحا) *). اختلفوا في معناه. فقال قوم: أفنضرب عنكم العذاب ونمسك ونعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم، وهذا قول مجاهد والسدي، ورواية الوالبي عن ابن عباس. قال: أفحسبتم إنه يصفح عنكم ولما تعقلوا ما أمرتم به، وقال آخرون: معناه أفنمسك عن إنزال القرآن ونتركه من أجل أنكم لا تؤمنون به فلا ننزله ولا نكرره عليكم، وهذا قول قتادة وابن زيد.
وقال قتادة: والله لو كان هذا القرآن رفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة. أو ما شاء الله من ذلك.
وقال الكلبي: أفنترككم سدى لا نأمركم ولا ننهاكم. الكسائي: أفنطوي عنكم الذكر طيا، فلا تدعون ولا توعظون.
وهذا من فصيحات القرآن، والعرب تقول لمن أمسك عن الشيء وأعرض عنه: ضرب عنه صفحا، والأصل في ذلك إنك إذا أعرضت عنه وليته صفحة عنقك، قال كثير:
صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة فمن مل منها ذلك الوصل ملت أي معرضة بوجهها، وضربت عن كذا وأضربت، إذا تركته وأمسكت عنه.
" * (أن كنتم) *) قرأ أهل المدينة والكوفة إلا عاصما أن تكتب الألف على معنى إذ. كقوله: " * (وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) *)، وقوله: " * (إن أردن تحصنا) *).
وقرأ الآخرون بالفتح على معنى لأن كنتم أرادوا على معنى المضي كما يقول في الكلام: أسبك إن حرمتني، يريد إذا حرمتني. قال أبو عبيدة: والنصب أحب إلي؛ لأن الله تعالى عاتبهم على ما كان منهم وعلمه قبل ذلك من فعلهم.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»