تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٢٤١
" * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) *) الآية.
اختلف المفسرون في المعنيين بهذه الآية.
فقال بعضهم: عنى بها قوما من المشركين.
قال ابن عباس: نزلت في أهل مكة قالوا يزعم محمد انه من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله الها آخر وقتلنا النفس التي حرم الله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أنبأني عبد الله بن حامد بن محمد الأصفهاني أخبرني إبراهيم بن محمد بن عبد الله البغدادي حدثنا أبو الحسن أحمد بن حمدان الجبلي حدثنا أبو إسماعيل حدثنا إسحاق بن سعيد أبو سلمة الدمشقي حدثنا أنس بن سفيان عن غالب بن عبد الله عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه: يامحمد كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أنه من قتل أو شرك أو زنى يلق أثاما ويضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، وأنا قد فعلت ذلك كله، فهل تجد لي رخصة؟ فأنزل الله تعالى " * (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا) *) الآية.
قال وحشي: هذا شرط شديد فلعلي لا أقدر على هذا، فهل غير ذلك؟ فأنزل الله تعالى " * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) *). 6 فقال وحشي: أراني بعد في شبهة فلا أدري يغفر لي أم لا، فهل غير ذلك؟ فأنزل الله تعالى " * (قل يا عباد الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) *).
فقال وحشي: نعم هذه، فجاء فأسلم.
فقال المسلمون: هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟
قال: (بل للمسلمين عامة).
وقال قتادة: ذكر لنا أن ناسا أصابوا ذنوبا عظاما في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أشفقوا أن لن يتاب عليهم، فدعاهم الله بهذه الآية.
وقال ابن عمر: نزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين، كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول: لا يقبل الله تعالى من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا، قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوا به، فنزلت على هؤلاء الآيات فكان
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»