تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢٠١
وقرأ أبو عمرو بالنون فيهما وكذلك ابن عامر قال، هارون: فقلت لأبي عمرو: كيف تقرأ نرتع ونلعب وهم أنبياء؟ قال: لم يكونوا يومئذ أنبياء، وقرأ أهل الكوفة كلاهما بالياء أي ننعم ونأكل وننشط ونلهو، يقال: رتع فلان في ماله إذا أنعم وأنفقه في شهواته. قال القطامي:
أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا وقال ابن زيد: معناه يرعى غنمه، وينظر ويعقل فيعرف ما يعرف الرجل.
وقرأ يعقوب " * (نرتع) *) بالنون " * (ويلعب) *) بالياء ردا للعب إلى يوسف والرتوع إلى إخوته، وقرأ أهل الحجاز نرتع بكسر العين من الارتعاء، أي نتحارس ويحفظ بعضنا بعضا * (وإنا له لحافظون) * * (قال) *) لهم يعقوب " * (إني ليحزنني أن تذهبوا به) *) أي ذهابكم " * (وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون) *) لا تشعرون، وذلك أن يعقوب رأى في منامه أن الذئب قد شد على يوسف وكان يحذره، ومن ثم قال هذا فلقنهم العلة وكانوا لا يدرون فقالوا: " * (لئن أكله الذئب ونحن عصبة) *) عشرة رجال " * (إنا إذا لخاسرون) *) ضعفة عجزة مغبونون.
" * (فلما ذهبوا به) *) في الكلام إضمار واختصار تقديره فأرسله معهم فلما ذهبوا به " * (وأجمعوا) *) وعزموا على " * (أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه) *) هذه الواو مقحمة زائدة تقديره أوحينا، كقوله تعالى " * (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه) *) أي ناديناه وقال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل أراد انتحى.
" * (لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) *) يعني أوحينا إلى يوسف، (سوف تتحقق) رؤياك، ولتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا وما فعلوه بك، وهم لا يشعرون بوحي الله إليه وإعلامه إياه ذلك، وهذا معنى قول مجاهد، وقيل: معناه وهم لا يشعرون أنك يوسف.
قال ابن عباس: لما دخل إخوة يوسف على يوسف فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن وقال: أنه ليخبرني هذا الجام إنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف، يدنيه دونكم، وإنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب ثم جئتم أباكم فقلتم: إن
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»