تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٤١٩
فقلت له ارمها إليك وأحيها بروحك واقتته لها قيتة قدرا واجعل لها قوتا بقدر. يدل عليه قوله تعالى " * (والتي أحصنت فرجها) *) الآية هذا معنى قول عذرتها.
وقال أبو عبيدة: إنه كان إنسانا بإحياء الله عز وجل إياه، يدل عليه قول السدي " * (وروح منه) *) أي مخلوق من عنده، وقيل: معناه ورحمة من الله تعالى، عيسى رحمة لمن شهد وآمن به، يدل عليه قوله في المجادلة " * (وأيدهم بروح منه) *) أي قواهم برحمة منه، فدل الروح بالوحي أوحى إلى مريم بالبشارة وأوحى إلى مريم بالمسيح وأوحى أنه ابن مريم يدل عليه (قوله تعالى: " * (بروح منه) *)) يعني بالوحي، وقال في حم المؤمن: " * (يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده) *).
وقال: " * (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) *) أي وحينا، وقيل: إهدنا بروح جبرئيل فقال: " * (وكلمة ألقاها إلى مريم) *) وألقى إليها أيضا روح منه وهو جبرائيل. يدل عليه قوله في النحل " * (قل نزله روح القدس) *) نظيره في الشعراء قال: " * (انزله الروح الأمين) *) وقال " * (وأيدناه بروح القدس) *) وقال " * (ينزل الملائكة بالروح من أمره) *) يعني جبرئيل، وقال " * (فأرسلنا إليها روحنا) *) الروح الوحي يعني من الإضافة إليه على التخصيص كقوله لآدم (عليه السلام) * * (ونفخت فيه من روحي) *).
قال الثعلبي: وسمعت الأستاذ أبا القاسم الحبيبي يقول: كان لهارون الرشيد غلام نصراني متطبب وكان أحسن خلق الله وجها وأكملهم أدبا وأجمعهم للخصال التي يتوسل بها إلى الملوك وكان الرشيد مولعا بأن يسلم وهو ممتنع وكان الرشيد يمنيه الأماني (فيأبى) فقال له ذات يوم: مالك لا تؤمن؟ قال: لأن في كتابكم حجة على من انتحله، قال وما هو؟ قال: قوله " * (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) *) أفغير هذا دين النصارى أن عيسى جزء منه، (فغم) قلب الرشيد لذلك فدعا العلماء والفقهاء فلم يكن منهم من يزيل تلك الشبهة حتى قيل: قدم حجاج خراسان وفيهم رجل يقال له علي بن الحسين بن واقد من أهل مرو إمام في أهل القرآن، فدعاه وجمع بينه وبين الغلام، فسأل الغلام فأعاد قوله، فاستعجم على علي بن الحسين الوقت جوابه فقال: يا أمير المؤمنين قد علم الله في سابق علمه أن مثل هذا (الحدث) يسألني في مجلسك، وإنه لم
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 » »»