تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
" * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا) *) يعني مكة أو الحرم.
" * (بلدا آمنا) *) أي مأمونا فيه يأمن أهله.
" * (وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر) *) قال الأخفش: من آمن بدل من أهله على البيان، كما يقال: أخذت المال ثلثيه ورأيت القوم ناسا منهم، وهذا ابدال البعض من الكل كقوله: " * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) *).
* (قال الله) * * (ومن كفر فأمتعه قليلا) *) فسأرزقه الى منتهى أجله لأنه تعالى وعد الرزق للخلق كافة كافرهم ومؤمنهم وقيد بالقلة لأن متاع الدنيا قليل. قرأ معاوية وابن عامر: فأمتعه بضم الألف وجزم الميم خفيفة، وقرأ أبي: فنمتعه قليلا ثم نضطره بالنون.
" * (ثم أضطره) *) موصولة الألف مفتوحة الراء على عهد الدعاء من إبراهيمج، وقرأ الباقون: فأمتعه بضم الألف مشددة ثم اضطره على الخبر أي الجنة في الآخرة " * (إلى عذاب النار وبئس المصير) *) أي المرجع تصير إليه.
" * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) *) روى الرواة من أسانيد مختلفة في بناء الكعبة جمعت حديثهم ونسقته ليكون أحسن في المنطق وأقرب إلى الفهم.
قالوا: خلق الله عز وجل موضع البيت قبل الأرض بألفي عام، فكانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحتها. فلما أهبط الله عز وجل آدم إلى الأرض كان رأسه يمس السماء حتى صلع وأورث أولاده الصلع ونفرت من طوله دواب الأرض فصارت وحشا من يومئذ، وكان يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم وتسبيحهم، يأنس إليهم فهابته الملائكة واشتكت نفسه. فنقصه الله عز وجل إلى ستين ذراعا بذراعه. فلما فقد آدم ما كان يسمع من أصوات الملائكة وتسبيحهم استوحش، وشكا ذلك إلى الله عز وجل. فأنزل الله ياقوتة من يواقيت الجنة الكلام مقطوع له بابان من زمرد أخضر باب شرقي وباب غربي فأنزل الله فيه قناديل من الجنة. فوضعه على موضع البيت إلى الآن ثم قال: يا آدم إني أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي.
فأنزل عليه الحجر. فمسح به دموعه وكان أبيض فلما لمسته الحيض في الجاهلية أسود.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الحجر ياقوتة من يواقيت الجنة ولولا ما مسه المشركون بأنجاسهم ما مسه ذو عاهة إلا شفاه الله تعالى).
فتوجه آدم من أرض الهند إلى مكة ماشيا وقيض الله له ملكا يدله على البيت
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»