" * (وأنتم تنظرون) *) إلى مصارعهم.
" * (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) *) وذلك أن بني إسرائيل لما أمنوا من عدوهم، ودخلوا مصر، ولم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليها، فوعد الله عز وجل موسى أن ينزل عليهم التوراة، فقال موسى لقومه: إني ذاهب إلى ميقات ربي، وآتيكم بكتاب فيه تبيان ما تأتون وما تذرون، فواعدهم أربعين ليلة ثلاثين من ذي القعدة وعشرا من ذي الحجة واستخلف عليهم أخاه هارون.
فلما أتى الوعد جاء جبرئيل على فرس يقال لها فرس الحياة لا يصيب شيئا إلا حيي؛ ليذهب بموسى إلى ربه، فلما رآه السامري وكان رجلا صائغا من أهل باجرو واسمه ميخا وقال ابن عباس: اسمه موسى بن ظفر، وكان رجلا منافقا قد أظهر الإسلام، وكان من قوم يعبدون البقر، فدخل قلبه حب البقر فلما رأى جبرئيل على ذلك الفرس، قال: إن لهذا شأنا، وأخذ قبضة من تربة حافر فرس جبرئيل، وكانت بنو إسرائيل قد استعاروا حليا كثيرا من قوم فرعون حين أرادوا الخروج من مصر لغلة عرس لهم فأهلك الله عز وجل قوم فرعون فبقيت تلك الحلي في يد بني إسرائيل. فلما وصل موسى. قال السامري: إن الأمتعة والحلي التي استعرتموها من قوم فرعون غنيمة، ولا تحل لكم. فاحفروا حفرة وادفنوها فيها حتى يرجع موسى، ويرى فيها رأيه، ففعلوا ذلك.
فلما اجتمعت الحلي صاغها السامري، ثم ألقى القبضة التي أخذها من تراب فرس جبرئيل فيه، فخرج عجلا من ذهب مرصعا بالجواهر كأحسن ما يكون وخار خورة. قال السدي: كان يخور ويمشي (ويقول:) هذا آلهكم واله موسى فنسي، أي تركه ها هنا وخرج بطلبه.
وكان بنو إسرائيل قد أخلفوا الوعد فعدوا اليوم والليلة يومين، فلما مضت عشرون يوما ولم يرجع موسى ج ورأوا العجل وسمعوا قول السامري، أفتتن بالعجل ثمانية ألف رجل منهم، وعكفوا عليه يعبدونه من دون الله عز وجل.
" * (وإذ واعدنا موسى) *): قرأ أبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب: (وعدنا) بغير ألف في جميع القرآن، وقرأ الباقون: (واعدنا) بالألف، وهي قراءة ابن مسعود. فمن قرأ بغير ألف قال: لأن الله عز وجل هو المتفرد بالوعد والقرآن ينطق به كقوله تعالى: " * (وعد الله) *) وقوله: " * (إن الله وعدكم وعد الحق) *)، ومن قرأ بالألف قال: قد يجيء المفاعلة من واحد كقولهم: عاقبت اللص، وعافاك الله، وطارقت النعل