الأزلية بالنجاة والهلاك.
وقيل في هذه الآية: من يأخذهم ويمنعهم من تصريف ما صرفهم، وتسيير ما سيرهم، وتدبير ما دبر لهم، فسائر يسير بأنوار رحمته، وآخر يسير بميزان سخطه.
وقال ابن عطاء: من يكلؤكم من أمر الرحمن سوى الرحمن وهل يقدر أحد على الكلاءة سواه؟
وقال الحسين: أي من يأخذهم عن تصاريف القدرة، ومن يحجبهم عن سوابق المقضى.
قوله تعالى: * (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا) *.
قال الواسطي رحمة الله عليه: من أصحبه الله أنواره فهو متبوع بآثاره وأنواره، وآثاره وأنواره تسير إلى العبد في أوقاته، لأن العبد يصحب ويتبع آثار أنواره بذاته، وفرق بين أن يقول: أصحبه الله أنواره، وبين أن يقول: صحب العبد أنواره بذاته.
قوله تعالى: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) * [الآية: 47].
قال القاسم: الأعمال والموازين شتى، والعدل ميزان الله في الأرض، فمن وزن أعماله بميزان العدل فهو من العابدين، ومن وزن حركاته بميزان العدل فهو من المخبتين، ومن وزن خطراته وأنفاسه بميزان العدل فهو من العارفين، وميزان العدل في الدنيا ثلاثة: ميزان النفس والروح، وميزان القلب والعقل، وميزان المعرفة والسر. فميزان النفس والروح: الأمر والنهي، وكفتاه الوعد والوعيد. وميزان القلب والعقل: الإيمان والتوحيد، وكفتاه الثواب والعقاب. وميزان المعرفة والسر: الرضا والسخط، وكفتاه الهرب والطلب. فمن وزن أفعال النفس والروح بميزان الأمر والنهي بكفة الكتاب والسنة ينال الدرجات في الجنان، ومن وزن حركات القلب والعقل بميزان الثواب والعقاب بكفة الوعد والوعيد أصاب الدرجات ونجا من جميع المشقات، ومن وزن خطرات المعرفة والسر بميزان الرضا والسخط بكفة الهرب والطلب نجا من الذي هرب، ووصل إلى ما طلب، فيصير عيشه في الدنيا على الهرب، وخروجه منها على الطلب، وعاقبته إلى غاية الطرب، فمن أراد الوصول إلى المسبب فعليه بالهرب من السبب، فإن السبب حجاب كل طالب.
قوله تعالى: * (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) * [الآية: 50].