تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
قال أبو عثمان في قوله: * (انفروا خفافا وثقالا) * في وقت النشاط والكراهية، فإن البيعة على هذا وقعت، كما روى عن جرير بن عبد الله أنه قال: * (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره '.
وقال بعضهم: انفروا خفافا إلى الطاعات، وثقالا إلى المخالفات. * (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) * الفقر ألا تمنعوهم حقوقهم، وجاهدوا بأنفسكم الشياطين كي لا يستولي عليكم.
قال بعضهم: * (انفروا خفافا وثقالا) * قال: هو نزع القلب عن الأماني الباطلة، وإخراج العادات القبيحة عن النفس.
قوله تعالى: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * [الآية: 43].
قيل: إن الله عز وجل إذا عاتب أنبياءه وأولياءه عاتبهم ببر قبلها أو بعدها، ألا تراه يقول: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) *.
وقال الحسين بن منصور: الأنبياء مبسطون على مقاديرهم واختلاف مقاماتهم، وكل ربط مع حظه باستعماله الأدب بين يدي الحق، وكل أثيب على ترك الاستعمال فمنهم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أنس قبل التأنيب، ومنهم من أنس بعد التأنيب على اختلاف إذ لو أنس بعد التأنيب لتفطر لقربه من الحق وذلك أن الله عز وجل أمره بقوله: * (فأذن لمن شئت منهم) * ثم قال مؤنبا له على ذلك: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * فلو قال لم أذنت لهم عفا الله عنك لذاب وهذا غاية القرب، وقال تعالى حاكيا عن نوح أنه قال: * (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) *. مؤنبا له وأنسه بعد التأنيب * (إنه ليس من أهلك) * إلى قوله * (أن تكون من الجاهلين) *.
ولو ولم يؤنسه بعد التأنيب لتفطر، وهذا مقام نوح وليس المفضول بمقصر إذ كل منهم له رتبة من الحق.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»