تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ١٤
* (المضعفون) * أي الواجدين من الضعف كما يقال أكذبته إذا وجدته كاذبا ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده فقال عز وجل * (الله الذي خلقكم) * ولم تكونوا شيئا * (ثم رزقكم) * يعني أطعمكم ما عشتم في الدنيا * (ثم يميتكم) * عند انقضاء آجالكم * (ثم يحييكم) * للبعث بعد الموت لينبئكم بما عملتم في الدنيا ويجازيكم " هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء " يعني يفعل كفعله ثم نزه نفسه فقال * (سبحانه وتعالى عما يشركون) * وقد ذكرناه ويقال الله الذي خلقكم وطلب منكم العبادة ثم رزقكم وطلب منكم الطمأنينة ثم يميتكم وطلب منكم الاستعداد للموت ثم " يحييم " وطلب منكم الحجة والبرهان سورة الروم 41 - 42 قوله عز وجل * (ظهر الفساد في البر والبحر) * يعني قحط المطر ونقص الثمار للناس والنبات للدواب يعني نقص النبات في البر للدواب والوحوش وفي * (البحر) * يعني القرى والأرضين ينقصان الثمار والزرع سمى القرى والمدائن بحرا لما يجري فيها من الأنهار ويقال البحر نفسه لأنه إذا لم يكن مطر فإنه لا يخرج منه اللؤلؤ * (بما كسبت أيدي الناس) * يعني بما عملوا من المعاصي ويقال من أذنب ذنبا فجميع الخلق من الإنس والجن والدواب والوحوش والطير والذر خصماؤه يوم القيامة لأنه يمنع المطر بالمعصية فيضر بأهل البر والبحر وذكر عن شفيق الزاهد أنه قال من أكل الحرام فقد خان جميع الناس حيث لا يستجاب دعاؤه ويقال * (ظهر الفساد في البر والبحر) * يعني ظهرت المعاصي في البر والبحر * (بما كسبت أيدي الناس) * يعني بكسب الناس فأول فساد البر كان من قابيل حيث قتل أخاه هابيل وأول فساد البحر كان من جلندا حيث كان يأخذ كل سفينة غصبا وقال عطية العوفي ظهور الفساد قحوط المطر قيل له هذا فساد البر فما فساد البحر قال إذا قل المطر قل الغوص وقال قتادة * (ظهر الفساد في البر والبحر) * يعني امتلأت الضلالة والظلم في الأرض وروي عن أبي العالية أنه قال البر الأعضاء والبحر القلوب يعني ظهر الفساد في الناس في الأعضاء وفي القلوب ثم قال * (ليذيقهم بعض الذي عملوا) * يعني يعذبهم ببعض ذنوبهم في الدنيا ويدخر البعض في الآخرة والذوق إنما هو كناية عن التعذيب فكأنه يقول يعذبهم بالجوع والقحط
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»