تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٥٨٤
قوله * (فلما جاءت) * يعني بلقيس وجلست على السرير * (قيل) * لها * (أهكذا عرشك) * يعني أهكذا سريرك * (قالت) * بلقيس * (كأنه هو) * شبهته به قال مقاتل شبهوا عليها فشبهت عليهم ولو قيل لها أهذا عرشك لقالت نعم ويقال إنها شكت في ذلك لأنها تركت سريرها في سبعة أبيات مقفلة أبوابها ومفاتيح الأقفال بيدها فقال سليمان * (وأوتينا العلم من قبلها) * يعني حمد الله على ما أعطاه من إتيان السرير وحضورها وعلى ما أعطاه قبل إتيانها من النبوة والإسلام فقال * (وأوتينا العلم من قبلها) * يعني أعطينا العلم من قبل مجيئها ويقال أعطينا علم ملكها وعرشها من قبل مجيئها * (وكنا مسلمين) * يعني مخلصين لله تعالى ويقال * (مسلمين) * منقادين له قوله عز وجل * (وصدها ما كانت تعبد من دون الله) * يعني عبادتها التي كانت تعبد الشمس منعها عن الإسلام ويقال معناه صدها إبليس عن الإيمان فتكون " ما " ها هنا بمعنى الفاعل ويقال " ما " هنا بمعنى المفعول فكأنه يقول صدها سليمان عما كانت تعبد من دون الله عز وجل كرجل يقول منعت فلانا الماء يعني عن الماء ويقال معناه أن الله تعالى صدها عما كانت تعبد من دون الله فوفقها للإسلام ويقال صدها عن الإسلام العادة التي كانت عليها لأنها نشأت على ذلك وربيت ولم تعرف إلا قوما يعبدون الشمس ثم قال * (إنها كانت من قوم كافرين) * أي من قوم جاحدين لله تعالى قوله عز وجل * (قيل لها ادخلي الصرح) * يعني القصر وذلك لأنها لما أقبلت قالت الجن لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب فلو اجتمع سليمان وهذه وما عندها من العلم لهلكنا وخشوا أن يتزوجها ويكون بينهما ولد فيرث الملك فيبقون في ذلك العناء إلى الأبد فأرادوا إن يبغضوها إلى سليمان فقالوا إن رجليها شعراوان وقال مقاتل بل كانت أمها جنية وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانت أمها جنية وكانت شعراء وقال بعضهم هذا لا يصح لأن الجن ليس من جنس الآدمي فلا يكون بينهما شهوة ونسل وقال الله تعالى * (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) * [الحجرات: 13] يعني آدم وحواء عليهما السلام فلا يجوز أن يكون النسل من غيرهما ويقال إنهم قالوا لسليمان إن رجلها تشبه حافر الدواب فأراد سليمان أن ينظر إلى رجليها فأمر بأن يوضع سريرها في الصرح المبني من القوارير يعني من الزجاج وجعل تحت الصرح الماء فيه السمك فجلس سليمان على سريره في الصرح في مقدمه ثم أمرت بلقيس بأن تدخل الصرح * (فلما رأته) * يعني فلما جاءت إلى الصرح رأت ما فيه من السمك * (حسبته لجة) * يعني ظنت أنه ماء كثير بين يدي سرير سليمان فأرادت أن تخوض في
(٥٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 589 ... » »»