لأن النون الأولى مشددة وتسمى تلك نون القسم وهي في الحقيقة نونين والنون الثانية للإضافة ومن قرأ بنون واحدة فقد استقل الجمع بين النونات واقتصر على نونين فأدغم إحداهما في الأخرى سورة النمل 22 - 26 قوله عز وجل * (فمكث غير بعيد) * قرأ عاصم بنصب الكاف وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان ومعناهما واحد يعني لم يلبث إلا قليلا ويقال لم يطل الوقت حتى جاء الهدهد " فقال " فقال له سليمان أين كنت فخر له ساجدا وقال * (أحطت) * وفي الآية مضمر معناه فمكث غير بعيد أن جاءه الهدهد فقال له سليمان أين كنت فخر له ساجدا فقال * (أحطت بما لم تحط به) * يعني علمت ما لم تعلم به وجئتك بخبر لم تكن تعلمه ولم يخبرك عنه أحد ثم أخبره فقال * (وجئتك من سبإ بنبأ يقين) * فإن قيل كيف يجوز أن يقال إن سليمان لم يعلم به وكانت أرض سبأ قريبة منه وهناك ملك لم يعلم به سليمان قيل له علم سليمان ذلك ولكنه لم يعلم أنهم يسجدون للشمس ويقال إنه علم بها ولكنه لم يعلم أن ملكها قد بلغ هذا المبلغ وعلم أنهم أهل الضلالة والإحاطة هي العلم بالأشياء بما فيها وجهاتها كما قال * (وجئتك من سبإ) * يعني من أرض سبأ وهي مدينة باليمن * (بنبأ يقين) * يعني بخبر صدق لا شك فيه ويقال بخبر عجيب قرأ ابن كثير وأبو عمرو * (سبا) * بالنصب بغير تنوين وقرأ الباقون بالكسر والتنوين فمن قرأ بالنصب جعله اسم مدينة وهي مؤنث لا ينصرف ومن قرأ بالكسر والتنوين جعله اسم الرجل ويقال جعله اسم مكان فقال له سليمان وما ذلك الخبر فقال * (إني وجدت امرأة تملكهم) * يعني تملك أرض سبأ " وأوتيت من كل شيء " يعني أعطيت علم ما في بلادها ويقال من كل صنف من الأموال والجنود وأنواع الخير مما يعطى الملوك * (ولها عرش عظيم) * يعني سريرا كبيرا أعظم من سريرك ويقال كان طول سريرها ثمانون ذراعا في ثمانين مرصعا بالذهب والدر والياقوت وقوائمه من اللؤلؤ والياقوت واسمها بلقيس قال مقاتل كانت أمها من الجن ويقال * (ولها عرش عظيم) * أي شديد قوله عز وجل * (وجدتها) * يعني رأيتها * (وقومها يسجدون للشمس) * يعني يعبدون
(٥٧٨)