تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٨
قوله عز وجل * (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) * يعني يكفوا أبصارهم و " من " صلة في الكلام * (ويحفظوا فروجهم) * عما لا يحل لهم وقال أبو العالية الرياحي كلما ذكر حفظ الفرج في القرآن أراد به الحفظ عن الزنى إلا ها هنا فإن المراد به ها هنا الستر عن النظر يعني قل للمؤمنين يغضوا أبصارهم عن عورات النساء ويحفظوا فروجهم عن أبصار الناس وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والأخرى عليك وروي عن عيسى ابن مريم أنه قال إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة فذلك قوله " ذلك أزكى لكم " وأطهر من الريبة يعني غض البصر والحفظ خير لكم من ترك الحفظ والنظر ثم قال * (إن الله خبير بما يصنعون) * يعني عالم بهم قوله عز وجل * (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) * يعني يحفظن أبصارهن عن الحرام * (ويحفظن فروجهن) * عن الفواحش * (ولا يبدين زينتهن) * يعني لا يظهرن مواضع زينتهن * (إلا ما ظهر منها) * روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال وجهها وكفيها وهكذا قال إبراهيم النخعي وروي أيضا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت الوجه والكفان وهكذا قال الشعبي وروى نافع عن ابن عمر أنه قال الوجه والكفان وقال مجاهد الكحل والخضاب وروى أبو صالح عن ابن عباس الكحل والخاتم وروي عن ابن عباس في رواية أخرى * (إلا ما ظهر منها) * يعني فوق الثياب وروى أبو إسحاق عن ابن مسعود أنه قال ثيابها وروي عن ابن مسعود رواية أخرى أنه سئل عن قوله * (إلا ما ظهر منها) * فتقنع عبد الله بن مسعود وغطى وجهه وأبدى عن إحدى عينيه قوله تعالى * (وليضربن بخمرهن) * يعني ليرخين بخمرهن * (على جيوبهن) * يعني على الصدر والنحر قال ابن عباس وكن النساء قبل هذه الآية يبدين خمرهن من ورائهن كما يصنع النبط فلما نزلت هذه الآية سدلن الخمر على الصدر والنحر ثم قال * (ولا يبدين زينتهن) * يعني لا يظهرن مواضع زينتهن وهو الصدر والساق والساعد والرأس لأن الصدر موضع الوشاح والساق موضع الخلخال والساعد موضع السوار والرأس موضع الإكليل فقد ذكر الزينة وأراد بها موضع الزينة * (إلا لبعولتهن) * يعني لأزواجهن * (أو آبائهن) * يعني يجوز للآباء النظر إلى مواضع زينتهن * (أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن) * وقد ذكر في الآية بعض ذوي الرحم المحرم فيكون فيه دليل على ما كان بمعناه لأنه لم يذكر فيها الأعمام والأخوال ولكن الآية إذا نزلت في شيء فقد نزلت فيما هو في معناه والأعمام والأخوال بمعنى الإخوة وبني الإخوة لأنه ذو رحم محرم وقد ذكر الأبناء في آية أخرى وهي قوله * (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن) * [الأحزاب: 55] والنظر إلى النساء على أربع مراتب في وجه يجوز النظر إلى جميع أعضائها وهي
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»