تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٠
وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب قالت فجلست مكاني فظننت أن القوم يستفقدونني فيرجعون إلي فبينما أنا جالسة في منزلي إذ غلبني النوم فنمت وقد كان صفوان بن المعطل السلمي يمكث في المعسكر إذا ارتحل الناس يتبع ما يقع من الناس من أمتعتهم فيحمله إلى المنزل الآخر فيعرفه فتجيء الناس ويأخذون أمتعتهم وكان لا يكاد يذهب من العسكر شيء فأصبح صفوان عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب فاسترجع فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي فوالله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فركبتها فانطق بي يقود بي الراحلة قالت وكان عبد الله بن أبي إذا نزل في العسكر نزل في أقصى العسكر فيجتمع إليه ناس فيحدثهم ويتحدثون قالت وكان معه في مجلسه يومئذ حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة فافتقد الناس عائشة حين نزلوا صحوة وهاج الناس في ذكرها أن عائشة قد فقدت ودخل علي بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر أن عائشة قد فقدت فبينما الناس كذلك إذ دنا صفوان بن المعطل فتكلم عبد الله بن أبي بما تكلم وحسان بن ثابت وسائرهم وأفشوه في العسكر وخاض أهل العسكر فيه فجعل يرويه بعضهم عن بعض ويحدث بعضهم بعضا قالت وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك ويريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل ويسلم ثم يقول كيف تيكم فذلك يريبني ولا أشعر بالسر فلما رأيت ذلك قلت يا رسول الله لو أذنت لي فانقلبت إلى أبوي يمرضاني قال لا بأس عليك وإنما قلت ذلك لما رأيت من جفائه قالت فانقلبت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان حتى قمت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة قالت وكانوا لا يتخذون الكنف في بيوتهم إنما كانوا يذهبون في فسح المدينة قالت فخرجت في بعض الليل ومعي أم مسطح حتى فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت تسبين رجلا وقد شهد بدرا فقالت أولم تسمعي ما قال قلت وماذا قال قالت فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي وأخذتني الحمى مكاني فرجعت أبكي ثم قلت لأمي يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي منه شيئا فقالت هوني عليك فوالله لقل ما كانت امرأة قط رضية عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حيث إستلبث
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»