تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
ثم قال * (فبدأ) * يعني المنادي ويقال يوسف * (بأوعيتهم) * يعني أوعية إخوته وطلب في أوعيتهم * (قبل وعاء أخيه) * فلم يجد فيها شيئا وروى معمر عن قتادة أنه قال كلما فتح متاع رجل استغفر الله تائبا مما صنع حتى بقي متاع الغلام فقال ما أظن هذا أخذ شيئا قالوا بلى فاستبرأه فطلب فوجد فيه فاستخرجها من وعاء أخيه فلما إستخرجت من رحله انقطعت ظهور القوم وتحيروا وقالوا يا بنيامين لا يزال لنا منكم بلاء ما لقينا من ابني راحيل فقال بنيامين بل لقي ابنا راحيل منكم فأما يوسف فقد فعلتم به ما فعلتم وأما أنا فسرقتموني قالوا فمن جعل الإناء في متاعك قال الذي جعل الدراهم في متاعكم فسكتوا فذلك قوله * (ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف) * يعني كذلك صنعنا ليوسف والكيد الحيلة يعني كذلك إحتلنا له وألهمناه الحيلة ثم قال * (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) * يعني في قضاء ملك مصر لأنه لم يكن في قضائه أن يستعبد الرجل في سرقته ثم قال * (إلا أن يشاء الله) * يعني وقد شاء الله أن يأخذه بقضاء أبيه ويقال ما كان يقدر أن يأخذ في ولاية الملك بغير حكم إلا بمشيئة الله تعالى ويقال إلا أن يشاء الله ذلك ليوسف ثم قال * (نرفع درجات من نشاء) * يعني من نشاء بالفضائل وقرأ أهل الكوفة * (نرفع درجات) * بتنوين التاء وقرأ الباقون * (درجات من نشاء) * بغير تنوين على معنى الإضافة * (وفوق كل ذي علم عليم) * يعني ليس من عالم إلا وفوقه أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى الله تعالى وروى وكيع عن أبي معشر عن محمد بن كعب أن رجلا سأل عليا عن مسألة فقال فيها قولا فقال الرجل ليس هو كذا ولكنه كذا فقال علي أصبت وأخطأت " وفوق كل ذي علم عليم وروي عن سعيد بن جبير أن ابن عباس حدث بحديث فقال رجل عنده الحمد لله " وفوق كل ذي علم عليم " فقال ابن عباس إن الله تعالى هو العالم وهو فوق كل عالم ثم قال تعالى " قالوا إن يسرق " يعني قال إخوة يوسف إن يسرق بنيامين " فقد سرق أخ له من قبل " يعنون يوسف " فأسرها يوسف " يعني فأضمر الكلمة يوسف " في نفسه " أي في قلبه " ولم يبدها لهم " يعني لم يعلن لهم جوابا " قال أنتم شر مكانا " يعني صنيعا من يوسف لأن يوسف سرق الوثن وأنتم تسرقون الصواع وذلك أن يوسف كان سرق صنما من
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»