64 قوله تعالى * (لقد أرسلنا نوحا إلى قومه) * يعني بعثنا نوحا إلى قومه بالرسالة فاتاهم ويقال وجعلنا نوحا رسولا إلى قومه * (فقال يا قوم اعبدوا الله) * يعني وحدوا الله وأطيعوه * (ما لكم من إله غيره) * يعني ليس لكم رب سواه قرأ الكسائي * (إله غيره) * بكسر الراء وقرأ الباقون * (غيره) * بضم الراء فمن قرأ بكسر الراء فلأجل " من " وجعله كله كلمة واحدة والغير تابعا له ومن قرأ بالضم فمعناه ما لكم إله غيره ودخلت " من " مؤكدة ثم قال * (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) * وهو الغرق قوله تعالى * (قال الملأ من قومه) * وهم الرؤساء والأجلة والأشراف سموا بذلك لأنهم ملئوا بما يحتاج إليه منهم ويقال لأنهم ملؤوا الناظر هيبة إذا اجتمعوا في موضع قالوا * (إنا لنراك في ضلال مبين) * يعني في خطأ بين * (قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين) * وفي الآية بيان أدب للخلق في حسن الجواب والمخاطبة لأنه رد جهلهم بأحسن الجواب وهذا كما قال الله تبارك وتعالى " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سالما " الفرقان 63 يعني السداد من القول ثم قال عز وجل * (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم) * يعني أمنعكم من الفساد وأدعوكم إلى التوحيد وأحذركم من العذاب وقال أهل اللغة أنصح لكم وأنصحكم لغتان بمعنى واحد كما يقال شكرت لك وشكرتك ثم قال * (وأعلم من الله ما لا تعلمون) * يعني أعلم أنكم إن لم تتوبوا يأتيكم العذاب وأنتم لا تعلمون ذلك وذلك أن سائر الأنبياء عليهم السلام خوفوا أممهم بعذاب الأمم السالفة كما قال شعيب لقومه " يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط عنكم ببعيد " هود 89 وأما قوم نوح فلم يكن بلغهم هلاك أمة قبلهم فقال لهم نوح * (وأعلم من الله ما لا تعلمون) * من العذاب الذي ينزل بكم فقال الكبراء للضعفاء لا تتبعوه فإن هذا بشر مثلكم فأجابهم نوح فقال " أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم " يعني ينزل الكتاب والرسالة على رجل منكم تعرفون حليته ونسبه * (لينذركم) * بالنار * (ولتتقوا) * بالشرك قال بعضهم هذه الواو صلة وهو زيادة في الكلام ومعناه * (لينذركم) * لكي تتقوا * (ولعلكم ترحمون) * يعني لكي تطيعوه فترحموا وتنجوا من العذاب قرأ أبو عمرو
(٥٤٠)