قال: سألت جابرا: هل يؤكل الضبع؟ قال: نعم، قلت: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت:
أسمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم، قيل له: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن أكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير قاض على ذلك لاتفاق الفقهاء على استعماله اختلافهم في استعمال ذلك.
مطلب: في الكلام على الضب واختلف في أكل الضب، كل فكرهه أصحابنا، وقال مالك والشافعي: " لا بأس به ".
والدليل على صحة قولنا ما روى الأعمش عن زيد بن وهب الجهني عن عبد الرحمن بن حسنة قال نزلنا أرضا كثيرة الضباب، فأصابتنا مجاعة فطبخنا منها، فإن القدور لتغلي بها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما هذا؟ " فقلنا: ضباب أصبناها، فقال: " إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب الأرض وإني أخشى أن تكون هذه فأكفئوها! " وهذا يقتضي حظره، لأنه لو كان مباح الأكل لما أمر بإكفاء القدور، لأنه عليه السلام نهى عن إضاعة المال.
وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن عون الطائي أن الحكم بن نافع حدثهم قال: حدثنا ابن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب ". وروى أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنه أهدى لها ضب، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن أكله فنهاها عنه، فجاء سائل فقامت لتناوله إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتطعمينه ما لا تأكلين! ". فهذه الأخبار توجب النهي عن أكل الضب.
وقد رسو روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل من الضب وأكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان حراما ما أكل على مائدته، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ترك أكله تقذرا. وفي بعض الأخبار أنه قال: " لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه "، وأن خالد بن الوليد أكله بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهه. وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا بشر بن موسى قال:
حدثنا عمر بن سهل قال: حدثنا إسحاق بن الربيع عن الحسن قال: قال عمر: " إن هذه الضباب طعام عامة هذه الرعاء وإن الله ليمنع غير واحد ولو كان عندي منها شئ لأكلته، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرمه ولكنه قذره ". وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا عمر بن سهل قال: حدثنا بحر عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري قال: " إن كان أحدنا لتهدى إليه الضبة المكنونة أحب إليه من الدجاجة السمينة ". فاحتج مبيحوه بهذه الأخبار، وفيها دلالة على حظره، لأن فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم تركه تقذرا وأنه قذره، وما قذره النبي صلى الله عليه وسلم فهو نجس، ولا يكون نجسا إلا وهو محرم الأكل. ولو ثبتت الإباحة بهذه الأخبار لعارضتها حتى أخبار الحضر، ومتى ورد الخبران في شيء وأحدهما مبيح