تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٥٣٢
يعنى أولاده عتبة وعتيبة ومعتب لأن ولده من كسبه * (سيصلى) * يعنى سيغشى أبو لهب * (نارا ذات لهب) * [آية: 3] ليس لها دخان * (وامرأته) وهي أم جميل بنت حرب، وهي أخت أبي سفيان بن حرب * (حمالة الحطب) [آية: 4] يعني كل شوك يعقر كانت تلقيه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ليعقره.
ثم أخبره بما يصنع بها في الآخرة، فقال: * (في جيدها) * في عنقها يوم القيامة * (حبل من مسد) * [آية: 5] يعنى سلسلة من حديد، فلما نزلت هذه الآية في أبي لهب قيل لها:
إن محمدا قد هجا زوجك، وهجاك، وهجا ولدك، فغضبت وقامت فأمرت وليدتها أن تحمل ما يكون في بطن الشاة من الفرث والدم والقذر، فانطلقت لتستدل على النبي صلى الله عليه وسلم لتلقى ذلك عليه فتصغره، وتذله به، لما بلغها عنه، فأخبرت أنه في بيت عند الصفا، فلما انتهت إلى الباب سمع أبو بكر، رحمة الله عليه، كلامها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم داخل البيت، فقال أبو بكر، رحمة الله عليه، رسول الله، إن أم جميل قد جاءت، وما أظنها جاءت بخير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' اللهم خذ ببصرها '، أو كما قال جميعا.
ثم قال لأبي بكر، رحمة الله عليه:
دعها تدخل، فإنها لن تراني '، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، رحمة الله عليه، فدخلت أم جميل البيت، فرأت أبا بكر، رحمة الله عليه، ولم تر النبي صلى الله عليه وسلم، وكانا جميعا في مكان واحد، فقالت: يا أبا بكر أين صاحبك؟ فقال:
وما أردت منه يا أم جميل؟ قالت: إنه بلغني أنه هجاني، وهجا زوجي، وهجا أولادي، وإني جئت بهذا الفرث لألقيه على وجهه، ورأسه أذله بذلك، فقال لها: والله، ما هجاك، ولا هجا زوجك، ولا هجا ولدك.
قالت: أحق ما تقول يا أبا بكر، قال: نعم، فقالت: أما إنك لصادق، وأنت الصديق، وما أرى الناس إلا وقد كذبوا عليه، فانصرفت إلى منزلها، ثم إنه بدا لعتبة بن أبي لهب أن يخرج إلى الشام في تجارة، وتبعه ناس من قريش حتى بلغوا الصفاح، فلما هموا أن يرجعوا عنه إلى مكة، قال لهم عتبة: إذا رجعتم إلى مكة، فأخبروا محمدا بأني كفرت ب * (النجم إذا هوى) * [النجم: 1]، وكانت أول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال:
اللهم سلط عليه كلبك يأكله '، فألقى الله عز وجل في قلب عتبة الرعب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، و كان إذا سار ليلا ما يكاد ينزل بليل.
فهجر بالليل، فسار يومه وليلته، وهم أن لا ينزل حتى يصبح، فلما كان قبيل الصبح،
(٥٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 ... » »»