تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٣٦٥
الله، والله لكأني لم أسلم إلا يومي هذا، قالوا: وما ذاك؟ قال: وجدت النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الناس بحديثى الذي كرت لكم، وأنا أشهد أن الله أطلعه، وأنه لصادق، فسار حتى دنا من المدينة فتحاور رجلان أحدهم عامري، والآخر جهني، فأعان عبد الله بن أبي المنافق الجهني، وأعان جعال بن عبد الله بن سعيد العامري، وكان جعال فقيرا، فقال عبد الله لجعال: وإنك لهناك، فقال: وما يمنعني أن أفعل ذلك فاشتد لسان جعال على عبد الله، فقال عبد الله: مثلي ومثلك كما قال الأول ممن كلبك يأكلك، والذي يحلف به عبد الله لأذرتك، ولهمك غير هذا.
قال جعال: ليس بيدك، وإنما الرزق بيد الله تعالى، فرجع عبد الله غضبان؟ فقال لأصحابه: والله، ولو كنتم تمنعون جعالا، وأصحاب جعال الطعام الذي من أجله ركبوا رقابكم لأوشكوا أن يذروا محمدا صلى الله عليه وسلم ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم، لا تنفقوا عليهم * (حتى ينفضوا) * يعني حتى يتفرقوا من حول محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
لو أن جعالا أتى محمدا صلى الله عليه وسلم فأخبره لصدقه، وزعم أني ظالم، ولعمري، إني ظالم إذ جئنا بمحمد من مكة، وقد طرده قومه فواسيناه بأنفسنا، وجعلناه على رقابنا، أما والله، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ولنجعلن علينا رجلا منا، يعني نفسه، يعني بالأعز نفسه وأصحابه، ويعني بالأذل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال زيد بن أرقم الأنصاري، وهو غلام شاب: أنت والله الذليل القصير المبغض في قومك، ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن، ومودة من المسلمين، والله لا أحبك بعد هذا الكلام أبدا.
فقال عبد الله:
إنما كنت ألعب معك، فقام زيد فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فشق عليه قول عبد الله بن أبي، وفشا في الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب على عبد الله لخبر زيد، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله، فأتاه ومعه رجال من الأنصار يرفدونه ويكذبون عنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني عنك '، قال عبد الله: والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك قط، وإن زيدا لكاذب وما عملت عملا قط أرجى في نفسي أن يدخلني الله به الجنة من غزاتي هذه معك، وصدقه الأنصار، وقالوا: يا رسول الله، شيخنا وسيدنا لا يصدق عليه قول غلام من غلمان الأنصار مشى بكذب ونميمة فعذره النبي صلى الله عليه وسلم، وفشت الملامة لزيد في الأنصار، وقالوا: كذب زيد، وكذبه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان زيد يساير النبي صلى الله عليه وسلم في المسير قبل ذلك، فاستحى بعد ذلك أن يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى تصديق زيد، وتكذيب عبد الله، فقال: * (هم) * يعني عبد الله
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»