والزبور، والفرقان، فهذه الكتب * (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) * [آية: 26] يعني عاصين.
تفسير سورة الحديد من الآية (27) إلى الآية (28).
* (ثم قفينا) * يعني اتبعنا * (علىءاثرهم) * من بعدهم يعني من بعد نوح وإبراهيم وذريتهما * (برسلنا) * في الأمم * (وقفينا بعيسى ابن مريم) * يقول: واتبعنا بعيسى ابن مريم * (وآتيناه) * يعني وأعطيناه * (الإنجيل) * في بطن أمه * (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه) * يعني اتبعوا عيسى * (رأفة ورحمة) * يعني المودة، كقوله: * (رحماء بينهم) * [الفتح: 29]، يقول: متوادين بعضهم لبعض جعل الله ذلك في قلوب المؤمنين بعضهم لبعض.
ثم استأنف الكلام، فقال: * (ورهبانية ابتدعوها) * وذلك أنه لما كثر المشركون وهزموا المؤمنين وأذلوهم بعد عيسى ابن مريم، واعتزلوا واتخذوا الصوامع فطال عليهم ذلك، فرجع بعضهم عن دين عيسى، عليه السلام، وابتدعوا النصرانية، فقال الله عز وجل:
* (ورهبانية ابتدعوها) * تبتلوا فيها للعبادة في التقديم * (ما كتبناها عليهم) * ولم نأمرهم بها * (إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) * يقول: لم يرعوا ما أمروا به يقول:
فما أطاعوني فيها، ولا أحسنوا حين تهودوا وتنصروا، وأقام أناس منهم على دين عيسى، عليه السلام، حتى أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم فأمنوا به وهم أربعون رجلا اثنان وثلاثون رجلا من أرض الحبشة، وثمانية من أرض الشام، فهم الذين كنى الله عنهم، فقال:
* (فئاتينا الذين ءامنوا) * يقول: أعطينا الذين آمنوا * (منهم أجرهم) * يعني صدقوا يعني جزاءهم وهو الجنة.
قال: * (وكثير منهم فاسقون) * [آية: 27] يعني الذين تهودوا، وتنصروا فجعل الله تعالى لمن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الإنجيل أجرهم مرتين بإيمانهم بالكتاب الأول، وكتاب محمد صلى الله عليه وسلم فافتحروا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالوا: نحن أفضل منكم في الأجر