المنذر، وأوس بن حزام، ووديعة بن ثعلبة، كلهم من الأنصار، وذلك حين بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل راجعا من غزاة تبوك، وبلغهم ما أنزل الله عز وجل في المتخلفين، أوثقوا أنفسهم هؤلاء الثلاثة إلى سواري المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من غزاة صلى في المسجد ركعتين قبل أن يدخل إلى أهله، وإذا خرج إلى غزاة صلى ركعتين، فلما رآهم موثقين، سأل عنهم، قيل: هذا أبو لبابة وأصحابه، ندموا على التخلف، وأقسموا ألا يحلوا أنفسهم حتى يحلهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' وأنا أحلف لا أطلق عنهم حتى أومر، ولا أعذرهم حتى يعذرهم الله عز وجل '، فأنزل الله في أبي لبابة وأصحابه:
* (وءاخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صلحا) *، يعنى غزوتهم قبل ذلك، * (وءاخر سيئا) *، يعنى تخلفهم بغير إذن، * (عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور) * لتخلفهم، * (رحيم) * [آية: 102] بهم.
قال مقاتل: العسى من الله واجب، فلما نزلت هذه الآية حلهم النبي، عليه السلام، فرجعوا إلى منازلهم، ثم جاءوا بأموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذه أموالنا التي تخلفنا من أجلها عنك، فتصدق بها، فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها، فأنزل الله: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) * من تخلفهم، * (وتزكيهم) *، يعنى وتصلحهم * (بها وصل عليهم) *، يعنى واستغفر لهم، * (إن صلواتك سكن لهم) *، يعنى إن استغفارك لهم سكن لقلوبهم وطمأنينة لهم، * (والله سميع) * لقولهم: خذ أموالنا فتصدق بها، * (عليم) * [آية:
103] بما قالوا.
* (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ) *، يعنى ويقبل * (الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) * [آية: 104]، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أموالهم التي جاءوا بها الثلث، وترك الثلثين؛ لأن الله عز وجل، قال: * (خذ من أموالهم) *، ولم يقل: خذ أموالهم، فذلك لم يأخذها كلها، فتصدق بها عنهم.