تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٤٥٣
كالجبلين المقابلين كل واحد منهما على الآخر، وفيهما كوى من طريق إلى طريق لينظر بعضهم إلى بعض إذا ساروا فيه ليكون آنس لهم إذا نظر بعضهم إلى بعض، فسلك كل سبط من بني إسرائيل في طريق لا يخالطهم أحد من غيرهم، وكانوا اثنى عشر سبطا، فساروا في اثنى عشر طريقا فقطعوا البحر، وهو نهر النيل بين أيلة، ومصر، نصف النهار في ست ساعات من النهار يوم الاثنين، وهو يوم العاشر من المحرم، فصام موسى، عليه السلام، يوم العاشر شكرا لله عز وجل حين أنجاه الله عز وجل، وأغرق عدوه فرعون، فمن ثم تصومه اليهود، وسار فرعون وقومه في تمام ثمانية ساعات، فلما توسطوا البحر تفرقت الطرق عليهم، فأغرقهم الله عز وجل أجمعين.
فذلك قوله تعالى: * (وأزلفنا ثم الآخرين) * [آية: 64] يعنى هناك الآخرين، قربنا فرعون وجنوده في مسالك بني إسرائيل * (وأنجينا موسى ومن معه أجمعين) * [آية: 65] من الغرق فلم يبقى أحد إلا نجا * (ثم أغرقنا الآخرين) * [آية: 66] يعنى فرعون وقومه في تمام تسع ساعات من النهار، ثم أوحى الله عز وجل إلى البحر، فألقى فرعون على الساحل في ساعة، فتلك عشر ساعات، وبقي من النهار ساعتان.
* (إن في ذلك لآية) * يقول: في هلاك فرعون وقومه لعبرة لمن بعدهم، * (وما كان أكثرهم مؤمنين) * [آية: 67] يقول: لم يكن أكثر أهل مصر مصدقين بتوحيد الله عز وجل، ولو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذبوا في الدنيا، ولم يؤمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون، وحزقيل المؤمن من آل فرعون، وفيه الماشطة، ومريم ابنة ناموثية التي دلت على عظام يوسف.
* (وإن ربك لهو العزيز) * في نقمته من أعدائه حين انتقم منهم * (الرحيم) * [آية:
68] بالمؤمنين حين أنجاهم من العذاب، وكان موسى بمصر ثلاثين سنة، فلما قتل النفس خرج إلى مدين هاربا على رجليه في الصيف بغير زاد، وكان راعيا عشر سنين، ثم بعثه الله رسولا وهو ابن أربعين سنة، ثم دعا قومه ثلاثين سنة، ثم قطع البحر، فعاش خمسين سنة، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة صلى الله عليه وسلم، وكان دعا فرعون وقومه عشر سنين، فلما أبوا أرسل الله عليهم الطوفان والجراد والقمل، وإلى آخر الآية، ثم لبث فيهم أيضا عشرين سنة كل ذلك ثلاثين سنة، فلم يؤمنوا فأغرقهم الله أجمعين، فعاش موسى، عليه
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»