الأنبياء ولا المؤمنين قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخبر الله الأمم: إني أحللت الغنائم للمجاهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان المؤمنون إذا أصابوا الغنائم جمعوها ثم أحرقوها بالنيران، وقتلوا الناس والأسارى والدواب، وهذا في الأمم الخالية، فذلك قوله: * (لولا كتاب من الله سبق) * في تحليل الغنائم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في علمه في اللوح المحفوظ، ثم خالفتم المؤمنين من قبلكم، * (لمسكم) *، يعنى لأصابكم * (فيما أخذتم) * من الغنيمة * (عذاب عظيم) * [آية: 68].
ثم طيبها لهم وأحلها، فقال: * (فكلوا مما غنمتم) * ببدر، * (حلالا طيبا واتقوا الله) * ولا تعصوه، * (إن الله غفور) * ذو تجاوز لما أخذتم من الغنيمة قبل حلها، * (رحيم) * [آية: 69] بكم إذ أحلها لكم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم جعل عمر بن الخطاب، وخباب بن ألأرت، أولياء القبض يوم بدر، وقسمها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وانطلق بالأسارى فيهم العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وذلك أن العباس بن عبد المطلب يوم أسر أخذ منه عشرين أوقية من ذهب، فلم تحسب له من الفداء، وكان فداء كل أسير من المشركين أربعين أوقية من ذهب وكان أول من فدى نفسه أبو وديعة ضمرة بن صبيرة السهمي، وسهيل بن عمرو، من عامر بن لؤي، القرشيان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' أضعفوا الفداء على العباس '، وكلف أن يفتدى ابني أخيه، فأدى عنهما ثمانية أوقية من ذهب، وكان فداء العباس بمثانين أوقية، وأخذ منه عشرون أوقية، فأخذ منه يومئذ مائة أوقية وثمانون أوقية، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد تركتني ما حييت أسأل قريشا بكفي، وقال له صلى الله عليه وسلم: ' أين الذهب الذي تركته عند امرأتك أم الفضل؟ '، فقال العباس: أي الذهب؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' إنك قلت لها: أني لا أدرى ما يصيبني في وجهي هذا، فإن حدث بي ما حدث، فهو لك ولودك '، فقال: يا ابن أخي، من أخبرك؟ قال: ' الله أخبرني '، فقال العباس: أشهد أنك صادق، وما علمت أنك رسول قط قبل اليوم، قد علمت أنه لم يطلعك عليه إلا عالم السرائر، وأشهد ألا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، وكفرت بما سواه.
تفسير سورة الأنفال من آية [70 - 71]