* (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) *، يقول: بعضكم من بعض، * (وجعل لكم من أزوجكم بنين وحفدة) *، يعنى بالبنين الصغار، والحفدة الكفار يحفدون أباهم بالخدمة، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يخدمهم أولادهم، قال عز وجل: * (ورزقكم من الطيبات) *، ينى الحب والعسل ونحوه، وجعل رزق غيركم من الدواب والطير لا يشبه أرزاقكم في الطيب والحسن، * (أفبالبطل يؤمنون) *، يعنى أفبالشيطان يصدقون بأن مع الله عز وجل شريكا، * (وبنعمت الله) * الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، * (هم يكفرون) * [آية: 72] بتوحيد الله، أفلا يؤمنون برب هذه النعم فيوحدونه.
ثم رجع إلى كفار مكة، ثم ذكر عبادتهم الملائكة، فقال سبحانه: * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك) *، يعنى ما لا يقدر، * (لهم رزقا من السماوات) *، يعنى المطر، * (والأرض) *، يعنى النبات، * (شيئا) * منه، * (ولا يستطيعون) * [آية: 73] ذلك.
* (فلا تضربوا لله الأمثال) *، يعنى الأشباه، فلا تصفوا مع الله شريكا، فإنه لا إله غيره، * (أن الله يعلم) * أن ليس له شريك، * (وأنتم لا تعلمون) * [آية: 74] أن لله شريكا.
تفسير سورة النحل من آية: [75].
ثم ضرب للكفار مثلا ليعتبروا، فقال: * (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) *، من الخير والمنفعة في طاعة الله عز وجل، نزلت في أبي الحواجر مولى هشام بن عمرو بن الحارث بن ربيعة القرشي، من بني عامر بن لؤي، يقول: فكذلك الكافر لا يقدر أن ينفق خيرا لمعاده، ثم قال عز وجل: * (ومن رزقنه منا رزقا حسنا) *، يعنى واسعا، وهو المؤمن هشام، * (فهو ينفق منه) *، فيما ينفعه في آخرته، * (سرا وجهرا) *، يعنى علانية، * (هل يستون) * الكافر الذي لا ينفق خيرا لمعاده، والمؤمن الذي ينفق في خير لمعاده، ثم جمعهم، فقال تعالى: * (الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) * [آية: 75] بتوحيد الله عز وجل.