فلما بني نمروذ الصرح طوله في السماء فرسخين، فأتاه جبريل، عليه السلام، في صورة شيخ كبير، فقال: ما تريد أن تصنع؟ قال: أريد أن أصعد إلى السماء، فأغلب أهلها كما غلبت أهل الأرض، فقال له جبريل، عليه السلام: إن بينك وبين السماء مسيرة خمسمائة عام، والتي تليها مثل ذلك، وغلظها مثل ذلك، وهي سبع سماوات، ثم كل سماء كذلك، فأبي إلا أن يبني، فصاح جبريل، عليه السلام، صيحة فطار رأس الصرح، فوقع في البحر، ووقع البقية عليهم، فذلك قوله عز وجل: * (فأتى الله بنيانهم من القواعد) *، يعنى من الأصل، * (فخر عليهم السقف من فوقهم) *، يعنى فوقع عليهم البناء الأعلى من فوق رؤوسهم، * (وأتاهم) *، يعني وجاءهم * (العذاب من حيث لا يشعرون) * [آية: 26] من بعد ذلك، وبعدما اتخذ النسور، وهي الصيحة من جبريل، عليه السلام.
تفسير سورة النحل من الآية: [27 - 29].
ثم رجع إلى الخراصين في التقديم، فقال سبحانه: * (ثم يوم القيامة يخزيهم) *، يعنى يعذبهم، كقوله سبحانه: * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه) * [التحريم:
8]، يعنى لا يعذب الله النبي المؤمنين، * (ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم) *، يعنى تحاجون فيهم، * (قال الذين أوتوا العلم) *، وهم الحفظة من الملائكة:
* (إن الخزي اليوم) *، يعنى الهوان، * (والسوء) *، يعنى العذاب، * (على الكافرين) * [آية: 27].
ثم نعتهم، فقال: * (الذين تتوفهم الملائكة) *، يعنى ملك الموت وأعوانه، * (ظالمي أنفسهم) *، وهم ستة، وثلاثة يلون أرواح المؤمنين، وثلاثة يلون أرواح الكافرين، * (فألقوا السلام) *، يعني الخضوع والاستسلام، ثم قالوا: * (ما كنا نعمل من سوء) *، يعنى من شرك؛ لقولهم في الأنعام: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * [الأنعام: 23]، فكذبهم الله عز وجل، فردت عليهم خزنة جهنم من الملائكة، فقالوا: * (بلي) * قد عملتم السوء،