كلهم، وسبعمائة من المشركين عليهم أبو جهل بن هشام، وكان قبل ذلك في ألف رجل، فرد منهم أبي بن شريق ثلاثمائة من بنى زهرة، وذلك أن أبي بن شريق خلا بأبي جهل، فقال: يا أبا الحكم، أكذاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقال: والله ما يكذب محمد صلى الله عليه وسلم على الناس، فكيف يكذب على الله، وكان يسمى قبل النبوة الأمين؛ لأنه لم يكذب قط.
فقال أبو جهل: ولكن إذا كانت السقاية في بنى عبد مناف، والحجابة والمشورة والولاية، حتى النبوة أيضا، فلما سمع أبي بن شريق قول أبى جهل: إن محمدا لم يكذب، رد أصحابه عن قتال محمد، عليه السلام، فخنس، فسمى الأخنس بن شريق؛ لأنه خنس بثلاثمائة رجل من بنى زهرة يوم بدر عن قتال محمد، عليه السلام، وبقى سبعمائة عليهم أبو جهل بن هشام، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وسبعين من مؤمني الجن، وألف من الملائكة عليه جبريل، عليه السلام، فكان جبريل على خمسمائة على ميمنة الناس، وميكائيل على خمسمائة في ميسرة الناس، ولم تقاتل الملائكة قتالا قط إلا يوم بدر، وكانوا يومئذ على صور الرجال، وعلى قوة الرجال على خيول بلق، وكان جبريل، عليه السلام، يسير أمام صف المسلمين، ويقول: أبشروا، فإن النصر لكم، وما يرى المسلمون إلا أنه رجل منهم.
* (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) *، يعنى الكفر، نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وقيس بن الوليد بن المغيرة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، والعلاء بن أمية بن خلف الجمحي، وعمرو بن أمية بن سفيان بن أمية، كان هؤلاء المسلمون بمكة، ثم أقاموا بمكة مع المشركين، فلم يهاجروا إلى المدينة، فلما خرج كفار مكة إلى قتال بدر، خرج هؤلاء النفر معهم، فلما عاينوا قلة المؤمنين شكوا في دينهم وارتابوا، فقالوا: * (غر هؤلاء دينهم) *، يعنون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل: * (ومن يتوكل على الله) *، يعنى المؤمنين، يعنى يثق به في النصر، * (فإن الله عزيز) *، يعنى منيع في ملكه، * (حكيم) * [آية: 49] في أمره حكم النصر.
تفسير سورة الأنفال من آية [50 - 54]