تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
ضعف ما سرق ثم يترك، * (إلا أن يشاء الله) * ذلك ليوسف، * (نرفع درجات من نشاء) *، يعنى فضائل يوسف حين أخذ أخاه، ثم قال: * (وفوق كل ذي علم عليم) * [آية: 76]، يقول الرب تعالى عالم، * (وفوق كل ذي علم عليم) *، يقول: يوسف أعلم اخوته.
ثم قال إخوة يوسف: * (قالوا إن يسرق) * بنيامين، * (فقد سرق أخ له من قبل) * بنيامين يعنون يوسف، عليه السلام، وذلك أن جد يوسف أبا أمه كان اسمه لاتان، كان يعبد الأصنام، فقالت راحيل لأبنها يوسف، عليه السلام: خذ الصنم ففر به من البيت، لعله يترك عبادة الأوثان، وكان من ذهب، ففعل ذلك يوسف، عليه السلام، فتلك سرقة يوسف التي قالوا، فلما سمع يوسف مقالتهم، * (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) *، ولم يظهرها لهم، * (قال) * في نفسه: * (أنتم شر مكانا) *، ولم يسمعهم، قال: أنتم أسوأ صنعا فيما صنعتم بيوسف، * (والله أعلم بما تصفون) * [آية:
77]، يعنى بما تقولون من الكذب أن يوسف سرق.
فعندها قالوا: ما لقينا من ابني راحيل يوسف وأخيه؟ فقال بنيامين: ما لقي ابنا راحيل منكم؟ أما يوسف، فقد فعلتم به ما فعلتم، وأما أنا فسرقتموني، قالوا: فمن جعل الإناء في متاعك؟ قال: جعله في متاعي الذي جعل الدراهم في أمتعتكم، فلما ذكر الدراهم شتموه، وقالوا: لا تذكر الدراهم، مخافة أن يؤخذوا بها.
* (قالوا) *، أي اخوة يوسف ليوسف: * (يا أيها العزيز) *، وذلك أن أرض مصر صارت إليه، وهو خازن الملك، * (أن له) *، يعنى بنيامين، * (أبا شيخا كبيرا) *، حزينا على ابن مفقود، * (فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين) * [آية: 78] إلينا إن فعلت بنا ذلك.
* (قال) * يوسف: * (معاذ الله) *، يقول: نعوذ بالله * (أن تأخذ) *، يعنى أن نحبس بالسرقة * (إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظلمون) * [آية: 79] أن نأخذ البرئ مكان السقيم.
* (فلما استيئسوا منه) *، يقول: يئسوا من بنيامين، * (خلصوا نجيا) *، يعنى خلوا يتناجون بينهم على حدة، وقال بعضهم لبعض: * (قال كبيرهم) *، يعنى عظيمهم في أنفسهم وأعلمهم، وهو يهوذا، ولم يكن أكبرهم في السن: * (ألم تعلموا أن أباكم قد
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»