الكافرين) *، يعني عليهم بالغلظة والشدة، فسدد الله عز وجل بهم الدين، * (يجاهدون في سبيل الله) * العدو، يعني في طاعة الله، * (ولا يخافون لومة لائم) *، يقول: ولا يبالون غضب من غضب عليهم، * (ذلك فضل الله) *، يعني دين الإسلام، * (يؤتيه من يشاء والله واسع) * لذلك الفضل، * (عليم) * [آية: 54] لمن يؤتى الإسلام، وفيهم نزلت وفي الإبدال: * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) * [محمد: 38].
وقوله سبحانه: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة والزكاة وهم راكعون) * [آية: 55]، وذلك أن عبد الله بن سلام وأصحابه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة الأولى: إن اليهود أظهروا لنا العداوة من أجل الإسلام، ولا يكلموننا، ولا يخالطوننا في شيء، ومنازلنا فيهم، ولا نجد متحدثا دون هذا المسجد، فنزلت هذه الآية، فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قد رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين أولياء، وجعل الناس يصلون تطوعا بعد المكتوبة، وذلك في صلاة الأولى.
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى باب المسجد، فإذا هو بمسكين قد خرج من المسجد، وهو يحمد الله عز وجل، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ' هل أعطاك أحد شيئا؟ '، قال: نعم يا نبي الله، قال: ' من أعطاك؟ '، قال: الرجل القائم أعطاني خاتمه، يعني علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' على أي حال أعطاكه؟ '، قال: أعطاني وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ' الحمد لله الذي خص عليا بهذه الكرامة '، فأنزل الله عز وجل:
* (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا) *، يعني علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، * (فإن حزب الله هم الغالبون) * [آية: 56]، يعني شيعة الله ورسوله والذين آمنوا هم الغالبون، فبدأ بعلى بن أبي طالب، رضي الله عنه، قبل المسلمين، ثم جعل المسلمين وأهل الكتاب المؤمنين، فيهم عبد الله بن سلام وغيره هم الغالبون لليهود، حين قتلوهم وأجلوهم من المدينة إلى الشام وأذرعات وأريحا.
قوله سبحانه: * (يا أيها الذين آمنوا) *، يعني المنافقين الذين أقروا باللسان وليس الإيمان في قلوبهم، * (لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم) * (الإسلام) * (هزوا ولعبا) *، يعني استهزاء وباطلا، وذلك أن المنافقين كانوا يوالون اليهود فيتخذونهم أولياء، قال: * (من الذين أوتوا الكتاب) *، يعني اليهود، * (من قبلكم) *؛ لأنهم أعطوا التوراة قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم،