منهم سبعة، فنقبوا على أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، * (وقال الله) * عز وجل للنقباء الاثني عشر، * (إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي) *، يعني الذين بعثتهم إليكم، وفيهم عيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، فكفروا بعيسى ومحمد، صلى الله عليهما وسلم.
قال الله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاقكم على أن تعملوا بما في التوراة، فكان الإيمان بالنبيين من عمل التوراة، ثم قال سبحانه: * (وعزرتموهم) *، يعني وأعنتموهم حتى يبلغوا الرسالة، * (وأقرضتم الله قرضا حسنا) *، يعني طيبة بها أنفسكم، وهو التطوع، * (لأكفرن عنكم سيئاتكم) *، يقول: أغفر لكم خطاياكم الذي كان منكم فيما بينكم وبيني، * (ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار) *، يعني الساتين، * (فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل) * [آية: 12]، يعني فقد أخطأ قصد الطريق، طريق الهدى، فنقضوا العهد والميثاق.
فذلك قوله سبحانه: * (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم) *، فبنقضهم ميثاقهم لعناهم بالمسخ، * (وجعلنا قلوبهم قاسية) *، يعني قست قلوبهم عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، * (يحرفون الكلم عن مواضعه) *، والكلم صفة محمد صلى الله عليه وسلم، * (ونسوا حظا مما ذكروا به) *، وذلك أن الله عز وجل أخذ ميثاق بني إسرائيل في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويصدقوا به، وهو مكتوب عندهم في التوراة، فلما بعثه الله عز وجل كفروا به وحسدوه، وقالوا: إن هذا ليس من ولد إسحاق، وهو ولد من إسماعيل، فقال الله عز وجل: * (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) *، وهو الغش للنبي صلى الله عليه وسلم، * (إلا قليلا منهم) *، والقليل مؤمنيهم عبد الله بن سلام وأصحابه.
يقول الله عز وجل: * (فاعف عنهم واصفح) *، حتى يأتي الله بأمره في أمر بني قريظة والنضير، فكان أمر الله فيهم القتل والسبي والجلاء، يقول: فاعف عنهم حتى يأتي، يعني يجيء ذلك الأمر، فبلغوه فسبوا وأجلوا، فصارت آية العفو والصفح منسوخة، نسختها آية السيف في براءة، فلما جاء ذلك الأمر قتلهم الله تعالى وسباهم وأجلاهم، * (إن الله يحب المحسنين) * [آية: 13].
تفسير سورة المائدة آية 14