وأصاب الأربعة بعيرهم من الغد، فأقبلوا في طلب أصحابهم، فلقيتهم وليدة لبني عامر في غنيمة ترعاها، فقالت لهم: أمن أصحاب محمد أنتم؟ قالوا: نعم، رجاء أن تسلم، فقالت: النجاء، فإن إخوانكم قد قتلوا حول الماء، قتلهم عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر.
فقال أحد الأربعة: ما ترون؟ قالوا: نرى أن نرحل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخبره بالذي كان، قال: لكني والله لا أرجع حتى انتقم من أعداء أصحابي اليوم، فامضوا راشدين واقرأوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام كثيرا، فأشرف على الخيل، فنظر إلى أصحابه مقتلين عند الماء، فأخذ سيفه، فضرب به حتى قتل، رحمه الله، ورجع الثلاثة إلى المدينة، فأتوها حين أمسوا، فلقوا رجلين من بني سليم وهما خارجان من المدينة، فقالوا لهما:
من أنتما؟ قالا: نحن من بني عامر، فقالوا: أنتما ممن قتل إخواننا، فأقبلوا عليهما فقتلوهما.
ثم دخلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه الخبر، فوجدوا الخبر قد سبق إليه، فقالوا: يا رسول الله، غشينا المدينة ممسين، فوجدنا رجلين من بني عامر، فقتلناهما وهذا سلبهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' بئس ما صنعتما، فإنهما كانا من بني سليم '، قال: وكان بين بني سليم وبين النبي صلى الله عليه وسلم موادعة وعهد، فنزلت: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) *، يقول: لا تعجلوا بأمر ولا بفعل حتى يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم، * (واتقوا الله) * ولا تخالفوا على نبيكم، * (إن الله سميع) * لما تقولون، * (عليم) * [الحجرات: 1] بما تفعلون.
وجاء أهل السليميين، فقالوا: يا محمد، إن صاحبينا أتياك فقتلا عندك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' إن صاحبيكما اعتزيا إلى عدونا حتى قتلا، ولكنا سنعقل صاحبيكم '، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل عهده، فبدأ ببني النضير، فقال: ' أنتم جيرننا وحلفاؤنا، والأيام، دول، وقد رأيتم الذي أصابنا، فاتخذوا عندنا يدا نجزكم بها غدا إن شاء الله '، فقالوا:
مرحبا بك وأهلا، إخواننا بنو قريظة لا نحب أن نسبقهم بأمر، ولكن ائتنا يوم كذا وكذا، وقد جمعنا لك الذي تريد أن نعطيك.
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم، فأرسلوا إلى بني قريظة: أن محمدا مغرور، يأتينا في الرجل والرجلين، فاجتمعوا له فاقتلوه، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لميعادهم، ومعه ثلاثة نفر: