تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
فوالله، إن الله عز وجل ليعلم أنه لو أمرنا أن نقتل أنفسنا لقتلناها، فأنزل الله عز وجل في قول ثابت: * (ولو أنا كتبنا) *، يقول: لو أنا فرضنا * (عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم) *، فكان من ذلك القليل عمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وثابت بن قيس، فقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، والله لو فعل ربنا لفعلنا، فالحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' والذي نفسي بيده، للإيمان أثبت في قلوب المؤمنين من الجبال الرواسي '.
ثم قال: * (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به) * من القرآن، * (لكان خيرا لهم) * في دينهم، * (وأشد تثبيتا) * [آية: 66، يعني تصديقا في أمر الله عز وجل، * (وإذا لآتيناهم من لدنا) *، يعني من عندنا، * (أجرا عظيما) * [آية: 67]، يعني الجنة، * (ولهديناهم صراطا مستقيما) * [آية: 68]، فلما نزلت: * (إلا قليل منهم) *، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ' لعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وثابت بن الشماس من أولئك القليل '.
تفسير سورة النساء آية [69 - 70] * (ومن يطع الله والرسول) *، نزلت في رجل من الأنصار يسمى: عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري، قال للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي رأى الأذان في المنام مع عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما: إذا خرجنا من عندك إلى أهالينا اشتقنا إليك، فلم ينفعنا شيء حتى نرجع إليك، فذكرت درجاتك في الجنة، فكيف لنا برؤيتك إن دخلنا الجنة؟ فأنزل الله عز وجل: * (ومن يطع الله والرسول) * * (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) * بالنبوة، * (والصديقين) * بالتصديق، وهم أول من صدق بالأنبياء، عليهم السلام، حين عاينوهم، * (والشهداء) *، يعني القتلى في سبيل الله بالشهادة، * (والصالحين) *، يعني المؤمنين أهل الجنة، * (وحسن أولئك رفيقا) * [آية: 69]، * (ذلك) *، يعني هذا الثواب هو * (الفضل من الله وكفى بالله عليما) * [آية: 70]، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أتاه ابنه وهو في حديقة له، فأخبره بموت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عند ذلك: اللهم اعمني، فلا أرى شيئا بعد حبيبي أبدا، فعمى مكانه، وكان يحب النبي صلى الله عليه وسلم حبا شديدا، فجعله الله عز وجل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»